اخبار عمان

الأسد والنملة في ميدان الحياة

 

لينا الموسوي **

الله سبحانه وتعالى خلق العالم من حولنا متنوعًا فيه جميع المخلوقات من طيور وحيوانات مختلفة وغيرها من المخلوقات سواء كانت برية أو بحرية وكل منها تحمل صفاتها الخاصة، الجميلة والأقل جمالا وهذا ما نظمه الخالق لها.

فنجد الأسد الذي هو أجمل الحيوانات المفترسة والذي يمتلك القوة والشراسة والشجاعة والجمال، هو متفرد مختلف عن بقية الحيوانات وفي نفس الوقت اجتماعي، وهبه الله هذه الصفات ليكون ملك الغابة كما لقب وكذلك النملة الصغيرة الناعمة المنظمة حيث تمتلك من الإرادة والقوة الداخلية ما يساعدها على جمع غذائها وتكملة مسارها الذي خلقت من أجله.

فلكل منهم دوره وشكلة وإمكاناته، لا تعني ضخامة الأسد وشراسته أنه مخيف أو مرعب جدا لأنه قد يكون طيب القلب إذا شبع وتمت معاملته بهدوء وروية ولا يعني صغر حجم النملة ومسارها المستقيم أنها ضعيفة وغير قادرة لأنها دؤوبة ومنظمة وتعمل بجد.

ما أود قوله من هذا التشبيه البسيط لمخلوقات الله، أن الله تعالى خلق الإنسان سواء كان رجلا أم امرأة، يحملون صفات مختلفة سواء كانت جميلة أو أقل جمالا، ظاهرية أم داخلية ولكن ميزه بالعقل والحكمة.

قد يكون الشخص الذي تظهر عليه صفة الشراسة والقوة يمتلك قلبا طيبا حنونا ولكن لا يمتلك قوة في التعبير ويُساء فهمه ويتم الحكم عليه من خلال مظهر قوته الخارجي وفي المقابل الحكم على الشخص الضئيل الجسم البسيط الشخصية بأنَّه لا يمتلك القوة أو الإرادة أو الشجاعة في العمل ولكن قد يكون إنتاجه جيدا وغير ملحوظ.

في اعتقادي أن مقياس القوة سواء كانت قوة العمل أم الإرادة، لا يتم الحكم عليها من خلال ما نرى في الظاهر فقط لأنه قد يكون ما هو مكنون أفضل أو معاكس لما نعتقد؛ فحسب رأيي الحكم يكون على ذلك من خلال جودة العمل نفسه وفهم شخصية المقابل، مثلا التعامل مع الشخصية حادة الصفات يختلف تمامًا عن الشخصية المرنة الرقيقة.

الأسلوب الخارجي في التعامل ليس بالضرورة أن يكون عاكسا للشخصية الداخلية ولا تتوضح إلا بالمخالطة والمعاشرة والتعاملات الحياتية المختلفة، حيث إن لكل شخص له أسلوبه الخاص حسب شخصيته التي يتمتع بها وهي محصلة البيئة والنشأة التي نشأ عليها.

هذا الموضوع بالطبع ينطبق على كل العلاقات الإنسانية سواء كانت علاقات زوجية خاصة أو علاقات عمل وغيرها من العلاقات الاجتماعية.

لذلك أعزائي.. فهم شخصية المقابل وعدم الحكم على المظهر الخارجي فقط ومعرفة كيفية التفاهم معها تمكننا من إيجاد لغة مشتركة للتفاهم وهي مفتاح أساسي لحل مشكلات كثيرة قد تحدث في مختلف مجالات الحياة فتساعد بدورها على التقليل من الصراعات والمشاحنات التي تحصل بين الأفراد؛ فيزداد الود والرقي الاجتماعي وتعم الثقة والسلام و تنعكس بالتالي جميعها على المجتمع فيرتقي.

** مهندسة معمارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *