اخبار الإمارات

«إهمال مقاولين» يحطم حلم السكن في «بيت العمر»

تشهد ساحات المحاكم نزاعات قضائية بين مواطنين وشركات مقاولات تتسبب في تأخر تحقيق حلم الانتقال إلى «بيت العمر»، أو في جعله غير صالح للسكن، لإخلال الشركة بتنفيذ العقود، أو مخالفتها اشتراطات فنية منصوصاً عليها في العقد، أو لإهمالها أو لتوقفها عن العمل قبل إنجازه في التاريخ المدرج في العقد المبرم بين الطرفين.

واتخذت بلدية الفجيرة إجراءات للحد من الخلافات التي تنشب بين المقاولين وأصحاب المنازل، فيما دعا مختصون إلى مراجعة تاريخ شركة المقاولات قبل إبرام العقد معها، وقراءة العقد بتعمق، واللجوء إلى محامٍ للإشراف على بنوده.

وتفصيلاً، قضت محكمة الاستئناف المدنية في الفجيرة بإلزام شركة مقاولات بدفع مليون و59 ألف درهم، وفسخ عقد مبرم بينها وبين مواطن، لتخلفها عن تنفيذ بناء فيلتين في الوقت المتفق عليه، إذ اتفقا قبل ثلاثة أعوام على بناء فيلتين خلال ستة أشهر، إلا أن الشركة لم تنتهِ منهما في الوقت المتفق عليه وتجاوزت مدة البناء عامين. وحكمت محكمة جزاء الفجيرة بالغرامة 10 آلاف درهم على مقاول بناء واستشاري خاص في قضية اتهمهما فيها مواطن بالغش، بعدما تسببت أمطار غزيرة بأضرار بالمنزل قبل أن يسكنه.

وكان المواطن قد استعان بمقاول واستشاري لبناء منزله إلا أنه وجد شروخاً في الأعمدة بسبب أمطار غزيرة هطلت على إمارة الفجيرة، كما أظهرت الأمطار عيوباً في البناء كشفت عن تلاعب المقاول ومخالفته البنود المتفق عليها.

كما ألزمت المحكمة الاتحادية العليا استشارياً ومقاولاً بدفع 516 ألف درهم إلى جهة حكومية على خلفية تنفيذ بناء (قبة) لمصلحتها، ظهر فيها عيب نتج عنه تسرب المياه، مؤكدة في الحيثيات تحملهما المسؤولية الفنية عن هذا العيب.

وأكد المستشار القانوني والمحامي راشد الحفيتي، أهمية قراءة العقد المبرم مع شركات المقاولات لضمان عدم وجود ثغرات قانونية فيه، لافتاً إلى ضرورة أن يختار الشخص الشركات وفقاً لأهليتها وسمعتها، لضمان عدم التعرض للاحتيال من شركات غير مؤهلة.

ودعا إلى تضمين العقد بنوداً بالمواصفات المطلوبة، والتفاصيل الخاصة بالدفعات المالية المقرر تسليمها للشركة، والمواصفات المطلوبة الخاصة بالبناء، مثل نوع المواد والتشطيب وموعد التسليم، ووضع شروط جزائية تحفظ حق الطرفين في حال أخل أحدهما بالبنود المتفق عليها.

وتابع أن كثيرين لجأوا إلى السلطة القضائية لحل نزاعات وخلافات بينهم وبين شركات مقاولات نتيجة أخطاء ارتكبها المتضررون أنفسهم، أي أصحاب العقار، بإغفالهم مسائل ذات أهمية تحفظ لهم حقوقهم، أبرزها عدم الاستعانة بمحامٍ عند إعداد العقد مع الشركة، وعدم قراءة العقد بعمق.

وقال إن الضمانات الموجودة في العقود تكون لمصلحة الشركة عادةً، ولا تحفظ حق صاحب العقار.

وتابع: «قد يبرم المجني عليه اتفاقات أخرى مع المقاول لاحقاً تتعلق بمواصفات الأعمال ودرجة جودتها ونوعها، ويغفل عن تدوينها». ولفت الحفيتي إلى ضرورة ألا يقوم المواطن بسداد المبالغ المالية المتفق عليها في العقد دفعة واحدة ويسددها على دفعات حتى يتأكد من إتمام البنود المتفق عليها وتسليمها بالوقت المحدد لها.

ودعا أي شخص متضرر إلى اللجوء للقانون لمحاسبة الاستشاري أو شركة المقاولات التي اتفق معها، إذا ثبت أن هناك تقصيراً، أو عيوباً إنشائية أو نواقص في التنفيذ تهدد سلامة المبنى وتجعله غير صالح للاستخدام، مؤكداً حقه في تقديم شكواه ومطالبة الجهات المختصة بالفصل بينه وبين شركة المقاولات ومكتب الاستشارات الهندسية.

وأشار إلى أنه طبقاً للمادة (423) من قانون العقوبات الاتحادي التي نصت على أنه «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد، يعاقب بالحبس والغرامة، أو إحدى هاتين العقوبتين، كل من غش متعاقداً معه في حقيقة بضاعة، بطبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو العناصر الداخلة في تركيبها، أو نوع البضاعة أو مصدرها في الأحوال التي يعد فيها ذلك سبباً أساسياً في التعاقد، أو في عدد البضاعة، أو مقدارها أو قياسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها، أو في ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه. ويعاقب بالعقوبة ذاتها من استورد أو اشترى أو روّج هذه البضاعة بقصد الاتجار فيها وهو يعلم حقيقتها».

وذكر الحفيتي أنه بعد ثبوت الغش التجاري وإدانة شركات المقاولات ومكاتب الاستشارات الهندسية في حال ثبت وجود تقاعس منها أو أنها اشتركت مع شركات المقاولات في هذه الجريمة، يحق للمواطن رفع دعوى مدنية أمام المحكمة المدنية ضد شركة المقاولات ومكاتب الاستشارات الهندسية، للمطالبة بإلزامها بالتعويض عن الأضرار.

وتنصّ المادة (298) من قانون المعاملات المدنية على أنه «لا تُسمع دعوى الضمان الناشئة عن الفعل الضار بعد انقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر والمسؤول عنه».

من جهته، أكد مدير بلدية الفجيرة، المهندس محمد الأفخم، أن إدارة المباني خالفت 320 استشارياً ومقاولاً خلال العام الماضي، وحررت مخالفات لـ109 استشاريين ومقاولين خلال العام الجاري، نظراً لعدم امتثالهم لقوانين تحفظ حق مالك المنزل أو المنشأة.

وأكد إصدار عدد من القرارات حرصاً على المصلحة العامة، وتعميمها على المكاتب الاستشارية والمقاولات، تمثلت في إصدار «بطاقة مهندس» لجميع المهندسين بهدف تسجيلهم في قاعدة بيانات الشركة ومتطلبات المشروع. وتضمن القرار أن يقتصر الاختبار المعتمد من قسم المباني على المهندس المدني والمعماري فقط، وأنه سيتم إصدار بطاقة المهندس الكهربائي والميكانيكي والمدني المعماري (جديد).

ولفت إلى أن القرارات المستحدثة تضمنت مطالبة مكاتب الاستشارات والمقاولات بإرفاق بطاقة المهندس الصادرة من البلدية كمتطلب أساسي لتحديث بيانات الشركات، مؤكداً أنه لن يتم العمل بأي بطاقة أخرى.

وحث المهندس المعماري، محمد عبدالله، كل من يرغب في بناء منزل أو منشأة على اختيار الشركة التي سيكلفها بالأعمال الإنشائية بعد التأكد من أهليتها، والاطلاع على المشاريع التي نفذتها، والمباني القائمة على تنفيذها، لمعرفة طبيعة الشركة وتقييمها، مشيراً إلى أن بعض الأشخاص تغريهم الأسعار الخيالية التي تتنافس بها مكاتب الاستشارة والمقاولات دون علم منهم بالحيل التي تتبعها بعض المكاتب، مثل توفير الاستشارة مجاناً، ثم إلزامه بسداد مبالغ إضافية، والتوقف عن إنجاز المسكن إلى حين الدفع.

وأضاف أن القوانين الجديدة التي استحدثتها بلدية الفجيرة وعممتها على مكاتب الاستشارات والمقاولات ستعمل بشكل واضح على تقليل الشكاوى والنزاعات القائمة بين أصحاب المشروع الإنشائي والقائمين على تنفيذه، لأنها تقلل مساحة التلاعب في العقود إلى أقصى حد ممكن، خصوصاً في ما يخص المهندسين الاستشاريين وتنظيم عملهم في الإمارة.


محمد عبدالله:

• «القوانين التي استحدثتها بلدية الفجيرة وعممتها ستعمل بشكل واضح على تقليل الشكاوى».


خطوات محددة

يتعين على المتضرر من عدم وفاء شركة المقاولات بالتزاماتها اتباع خطوات محددة، تبدأ برفع دعوى أمام المحاكم المدنية، يطلب في ختامها الحكم له بندب خبير هندسي لمعاينة المبنى، وتحديد العيوب التي تسببت فيها شركة المقاولات، وقيمتها، وكيفية إصلاحها، وقيمة إصلاحها، والمتسبب فيها، ثم يعدل طلبه أمام المحكمة المختصة طالباً تعويضه عن قيمة الإصلاحات إذا كان هناك مجال لإصلاحها.

كما أن المتضرر يستطيع أن يشكو مديري ومهندسي شركات المقاولات ومكاتب الاستشارات الهندسية لدى النيابة العامة بعد الحصول على تقرير فني معتمد من الجهات المختصة (البلديات) بالعيوب الإنشائية الموجودة في المبنى من الناحية الإنشائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *