اخر الاخبار

خبراء يكشفون ما هو “ثالوث السويداء” الساعي لإسقاط بشار الأسد وسيناريوهات مرحلة مقبلة

شهدت محافظة السويداء في جنوب سوريا مظاهرات حاشدة ضد الحكومة السورية، تحولت من مطالب اقتصادية واجتماعية إلى مطالب سياسية تنادي بـ”إسقاط النظام ورحيل بشار الأسد”، وخلف تلك التظاهرات آمال كبيرة وسناريوهات متعددة يوضحها خبراء في حديث لوكالة ستيب نيوز.

 

احتجاجات السويداء

 

أغلق المتظاهرون مقار حزب البعث ومؤسسات حكومية، ورفعوا شعارات تندد بالفساد والقمع والفقر. وحظيت المظاهرات بدعم من المؤسسة الدينية للطائفة الدرزية لأول مرّة، التي أصدرت بيانات تؤكد على حق الشعب في التعبير عن رأيه ومطالبه. وتعتبر هذه المظاهرات استمراراً للحراك الشعبي الذي بدأ في سوريا عام 2011، والذي انطلق من محافظة درعا المجاورة للسويداء. بحسب مراقبين، وقد شاركت السويداء في ذلك الحراك بشكل محدود، نظرًا للحساسية الطائفية والجغرافية التي تميزها.

 

فالسويداء هي معقل للطائفة الدرزية، التي تشكل أقلية في سوريا، وتحدها مناطق كانت تخضع للمعارضة المسلحة أو “للنظام” أو لإيران. وقد حافظت السويداء على نوع من “الحياد” عن الصراع، رغم تضامنها مع المطالب الشعبية ورفضها للانخراط في جبهات القتال. ولكن هذا “الحياد” لم يحمِ السويداء من تدهور الأوضاع الأمنية والخدمية والمعيشية، التي شهدتها باقي المحافظات. فالسويداء تعاني من نقص في المحروقات والكهرباء والغذاء، وارتفاع في التضخم والبطالة والفقر، وانهيار في قيمة الليرة، التي بلغ سعر صرفها أكثر من 15 ألف ليرة للدولار. كما تعاني من انتشار الفساد والمحسوبية والابتزاز من قبل أجهزة الأمن والميليشيات الموالية للحكومة. وقد شهدت عدة اغتيالات وانفجارات وخطف طالت نشطاء مدنيين ودينيين وأمنية.

 

الدافع الرئيسي للاحتجاجات في السويداء

 

وفي هذا الإطار، يروي نورس عزيز، صحفي سوري من السويداء، في حديث لوكالة ستيب نيوز، كيف تطورت المظاهرات من مطالب اقتصادية إلى مطالب سياسية. ويقول: “الواقع الاقتصادي كان جزء من الأسباب التي أدت لخروج الناس بمظاهرات في السويداء، إلا أنها ليست المحرك الرئيسي، والدليل أنه في اليوم الثاني من المظاهرات ارتفع سقف المطالب إلى إسقاط النظام السوري، كما حصل في شرارة الثورة الأولى”.

 

  ويضيف عزيز: “السويداء منذ أيام الثورة الأولى وطيلة تلك السنوات لم تكن على الحياد من الأحداث الجارية في البلاد، حيث توقف أكثر 45 ألف شاب عن الخدمة بقوات النظام السوري منعاً من زجّهم على جبهات القتال في المحافظات الثانية، وهذا لا يعتبر حياد، إضافة إلى أنها شاركت بالمظاهرات منذ 2011 ولا ننسى اعتصام المحامين يوم 29 اذار من 2011”.

 

ويستذكر عزيز أنه “منذ مقتل الشيخ البلعوس عام 2014 لم تهدأ السويداء وظلت تواجه النظام على طريقتها، واستمرت حتى عام 2022 حين قتل الفلحوط أثناء مواجهة الأفرع الأمنية”.

 

والبلعوس هو أبو فهد وحيد البلعوس أحد مشايخ الدروز في سوريا. وكان أحد أهم شيوخ الطائفة الدرزية، وهو زعيم ومؤسس “حركة رجال الكرامة”. وعارض البلعوس تجنيد أبناء الطائفة الدرزية ومشاركتهم في الحرب السورية، وقد أكد أنه مستهدف من النظام السوري بعد مواقفه الحيادية، وقتل البلعوس بتفجير سيارته إلى جانب 8 آخرون، واتهمت الأجهزة الأمنية السورية بالوقوف وراء تلك العملية.

 

أما الفلحوط فهو راجي فلحوط والذي كان يتزعم فصيلاً مسلحاً تسبب بأحداث أمنية عديدة بالمحافظة، حتى تمكنت حركة رجال الكرامة من محاصرة مقرات الفصيل وإنهائه بالقوة، ليكتشف حينها أن الفلحوط يتبع للأجهزة الأمنية السورية.

 

من جانبه، يؤكد مالك أبو خير، أمين عام حزب اللواء السوري، في حديث لوكالة ستيب نيوز، على دعم حزبه للمظاهرات في السويداء، ويقول: “الحراك اليوم في السويداء مختلف تمامًا، حيث وصلت المطالب إلى إسقاط النظام السوري، وأعداد المتظاهرين أكبر بكثير، والامتداد أوسع، إضافة إلى أن اللغة واضحة من خلال طرد أذرع النظام وتوجيه أصابع الاتهام ضد أجهزة الأمن لكل ما يجري بالسويداء”.

 

ويضيف أبو خير: “نحن في حزب اللواء وجهنا إلى كل الأعضاء من الشباب في الداخل إلى المشاركة بالاحتجاجات هذه ودعمها بدون أن يكون لهم دور تأثيري على الناس، حيث أن مطالبنا بإسقاط النظام السوري هو مطلب رئيسي منذ التأسيس، لكننا نترك للناس حرية التعبير عن رأيهم ولا نؤثر عليهم”.

 

ما يجري بالسويداء مختلف تماماً عن السابق

 

ويرى نورس عزيز أن “ما يجري في السويداء اليوم مختلف تماماً عن السابق، حيث هناك ثالوث يبدأ من تحركات قوية على الأرض من الشعب الذي أغلق كل أفرع حزب البعث وأذرعه، ورفعت المطالب إلى إسقاط النظام السوري، إضافة إلى المؤسسة الدينية التي باركت لأول مرة هذه التحركات وأيدتها، أما الجهة الثالثة فهي الفصائل المحلية وعلى رأسهم حركة رجال الكرامة وهم قادرين على حماية الناس من أي اعتداء قد تفكر فيه الأجهزة الأمنية”.

 

ويشير عزيز إلى أن “موقف مشيخة العقل دائماً ما كان له حسابات مختلفة، منها الأمنية وبعضها قد يكون له ارتباطات خاصة وبعضها قد يكون صاحب رأي مختلف، لكن في هذه الثورة أعلن الشيخ حكمت الهجري وهو الأب الروحي للطائفة أنه بصف الشعب وهو مع مطالبهم المحقة”.

 

و”مشيخة العقل” في السويداء هي عبارة عن هيئة روحية وزعامة دنية متوارثة، ومنذ العهد العثماني كان هناك 3 شيوخ عقل يتصدرون رأس الهرم في الطائفة الدرزية.

 

وتعتبر مكانة المشايخ متوارثة ولا يمكن أن تخرج المشيخة عن أسماء ثلاث عوائل (الهجري، الجربوع، الحناوي).

 

وتنحصر مكانة الشيخ الهجري الدينية في الريف الشمالي والشمالي الشرقي والريف الغربي للسويداء (دار قنوات)، فيما يبرز اسم الشيخ حمود الحناوي في منطقة سهوة البلاطة في الريف الجنوبي للمحافظة.

 

ويعد الشيخ يوسف الجربوع المسؤول عن دار الطائفة في “مقام عين الزمان”، ويتركز نفوذه الديني في مدينة السويداء والقرى الصغيرة المجاورة لها.

 

أيضاً يؤكد أبو خير أن “السويداء فعلًا رمت موقف “الحياد” إذا صح هذا التعبير عنه، وهي ترتدي عباءة الثورة الجديدة ضد النظام السوري”.

 

ويعتبر أبو خير أن “المطالب الاقتصادية والمقترحات التي رفعت مطلع الاحتجاجات لم يعطي لها النظام أي رد كالعادة، حيث أنه اعتاد على تجاهل وتقليل من شأن مطالب الناس، ولا اعتقد أنه قد يستجيب ولو لجزء منها، مما دفع إلى رفع سقف المطالب إلى إسقاط النظام السوري”.

 

ويتابع حديثه بالقول: “نحن نؤمن بأن هذه المظاهرات هي حق للشعب السوري، وأنه لا بد من تغيير هذا النظام الفاسد والقاتل، وأنه لا بد من بناء سوريا جديدة تضم كل أبنائها بكل تنوعهم وثرائهم”.

 

سيناريوهات تحرك “النظام السوري”

 

أما عن أمكانية التحرك من قبل السُلطات السورية ضد السويداء فيشير الصحفي نورس عزيز إلى إمكانية أن السُلطات السورية أحداثاً أمنية قد تخلخل الاحتجاجات ضده كما حصل سابقاً بتحريك خلايا تنظيم داعش، ويقول: “هناك العديد من السيناريوهات الممكن النظر فيها، فإذا كان التحرك قد حظي بتوافق ودعم دولي لن يجرؤ النظام على افتعال حوادث أمنية، وهنا قد نسترجع حديث رئيس الوزراء العراقي الذي تحدث عن طلب أمريكي بإغلاق الحدود مع سوريا، وهو ما قد يرجح فكرة طرحت حول إمكانية وجود منطقة عازلة بالجنوب السوري، قد تمتد من التنف إلى الجولان.

 

وهناك سيناريو ثاني حسب “عزيز”: “وهو أن النظام قد يترك الناس حتى تمل من الاحتجاجات وتعود إلى بيتها بعد أن تفشل بتحقيق أي شيء، حيث أن السويداء لا يوجد فيها أي موقع استراتيجي بالنسبة للحكومة السورية قد يؤثر عليها إذا ضغط من خلاله الناس، لذلك قد يترك الأمر بدون أي رد”. ويرى عزيز أن “ما يجري بالسويداء هو امتداد لثورة 2011، حيث كانت شرارة الثورة والثورة الشعبية في بداية المطاف من درعا والسويداء، والآن نرى أن ما يجري هو كأنه تجاوز لكل أخطاء ما جرى سابقًا وهو ما قد يؤدي لنجاحه إذا انتشر إلى باقي المحافظات”.

 

بينما لا يستطيع أبو خير التوقع حول إمكانية تحرك السُلطات السورية أمنيًا ضد المحافظة، إلا أنه يشير إلى أن “الحراك الآن أكثر تنظيمًا ورقيّ وهو سلمي بالكامل، وهو ما يزعج النظام، ونحن نعمل ونأمل أن يبقى التحرك سلميًا، ولكن لو اضطر الأمر وكان هناك أفعال ضد أهل السويداء فهناك من هو قادر على الرد”.

 

ويرى أبو خير أن “لا يوجد أي فصيل مسلح يشارك في المظاهرات، مع العلم أن شباب السويداء أغلبهم يتبع لفصائل محلية تدافع عن المحافظة، لكن ما يتفق عليه الجميع هو أن تبقى هذه الثورة سلمية تمامًا”.

 

وتشير هذه التصريحات إلى أن المظاهرات في السويداء تحمل رسائل قوية للنظام السوري وللمجتمع الدولي، وأنها تعبر عن إرادة شعبية صادقة ومستمرة للتغيير. وتثير هذه المظاهرات أسئلة عديدة حول مستقبل سوريا ومصير ثورتها، التي لم تنطفئ رغم كل المآسي والصعاب.

 

خبراء يكشفون ما هو "ثالوث السويداء" الساعي لإسقاط بشار الأسد وسيناريوهات مرحلة مقبلة
خبراء يكشفون ما هو “ثالوث السويداء” الساعي لإسقاط بشار الأسد وسيناريوهات مرحلة مقبلة

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *