اخبار عمان

قصة سالم مع القضاء والقدر

 

مريم الشكيلية

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يُؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وحتى يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه وأنَّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه”.

إنَّ الابتلاءات التي ينزلها الله تعالى للإنسان نراها نحن البشر ولأننا قاصرو النظر وغير عالمين بخفايا الأمور نرى في ظاهرها الشقاء أو الضيق أو الهلاك ولكن في حقيقتها وفي باطنها الرحمة واللطف والامتحان من الله تعالى ليرى الإنسان هل يصبر أم يجزع فلا يأتي من الله تعالى إلا كل خير.

عندما تسمع عن قصة شاب في العشرين من العمر امتحنه الله تعالى وعائلته بأن أنزل عليه المرض الخبيث ومن بعد إجراء العملية له وظن أنه تعافى يفاجأ بأنه بعد العملية أصبح مقعد الفراش كأنه مقيد في سريره فقد القدرة على المشي هنا يكون الابتلاء عظيما والمحنة تحتاج إلى العون من الله حتى يلهمه الصبر والفرج.

قصة الشاب (سالم)..

سالم شاب عشريني العمر لم يتصور أن يأتيه يوم تتغير فيه كل حياته من الألف إلى الياء من أبسط الأشياء إلى أعقدها والإنسان عندما يبلغ مرحلة بداية الشباب تكبر معه الأحلام الوردية واتساع فرح الحياة لا شيء ينغص عليه هذه الانطلاقة العفوية وكأن الحياة أم تفرد ذراعيها لنا لنطير إليها لنحقق ما نصبو إليه ولكن في حالة (سالم) وقبل سنتين عندما جاء تشخص حالته بأنه مصاب بالمرض الخبيث صحيح صدم وصدمت عائلته ولكنهم سلموا أمرهم لله وحده وعندما أجريت له العملية في المستشفى قال له الطبيب إنه سوف يمر بفترة لا يستطيع الحراك وهذا أمر عادي بعد العملية ومع التمارين الطبيعية سوف يعود للمشي من جديد ومرت الأيام والأشهر حتى هذه اللحظة وبعد مرور العامين لم يتمكن سالم من المشي من جديد أصبح ممدداً في سريره خضع للعديد من جلسات العلاج الطبيعي ولم تبخل عليه عائلته في الصرف على هذه الجلسات المكلفة إلا أنه لا يزال غير قادر على المشي كل ما في الأمر أنه يحتاج إلى جلسات طبيعية مكثقة وقد استفسرت وبحثت عائلته عن حالته في مستشفيات خارج السلطنة وقيل لهم إنه يحتاج إلى جلسات مكثفة لحالته ولكن المادة وتكاليف العلاج بالخارج تصعب الأمر وتجعل العائلة أمام تحدٍ آخر لحالته وهي تناشد أصحاب الأيادي البيضاء والقلوب الرحيمة لمساعدته في السفر لتكملة علاجه حتى يمن الله عليه بالشفاء العاجل.

من المعاناة تولد الحياة..

يُقال إن الشدائد تجعل منَّا إما أقوياء أو ضعفاء الشاب سالم ورغم صغر عمره وما يعانيه من الابتلاء إلا أنه شاب يضرب المثل به في الصبر وعندما تتحدث معه وتجلس معه كأنك تجلس مع شيخ كبير لا يملك إلا الصبر وكأنه لاقى من امتحانات الحياة الكثير ومعها اعتاد على الصبر وخبره وعايشه فهو شاب أعطاه الله العزيمة والصبر والأمل بأن الغد يحمل له الخير والفرج لم يستسلم لحالته بل أكمل دراسته عن طريق الإنترنت وعن بعد من خلال جهاز الكمبيوتر المثبت في سريره بعد أن كان يذهب إلى الكلية مع أصحابه ويحضر دروسه ثم الآن أراد أن يثبت وجوده وأن لا يستسلم لمصابه فعمد إلى إخراج ذلك المبلغ البسيط لديه حتى يكون لديه مشروع صغير وهو شراء بضاعة عن طريق الإنترنت وبيعها في بيته بمساعدة عائلته أراد أن يخرج للحياة من جديد ويتفاعل مع الناس وإن يتعلم شيئا جديدا في وضعه هذا وبالفعل تعامل عن طريق الهاتف مع مصنع وفي البداية بدأ بالصابون ورغم أنه لا يبيعها إلا بالزهيد، إلا أن الله فتح عليه وأخذت تلك الصابونات الإقبال عليها من عائلته ومحيطه ثم الآن بدأ بالأشياء القليلة معها حتى يكسب رزقاً منها ومنها يشغل نفسه عن الأيام الطويلة التي يظل فيها في فراشه وعندما سألته عن هل كانت لديه ميول في التجارة قبل وضعه هذا؟ قال: ليس بهذا العمق كاليوم ولكن كان يرى ويتابع واقعنا الذي أصبح البيع والشراء بهذه السهولة عن طريق الإنترنت وفي برامج التواصل الاجتماعي ولكن وضعه هذا ولطف الله تعالى به ساعده على حب هذا العمل.

 

في الختام.. تجد نفسك أخي القارئ أمام همة شاب يتمسك بالأمل حتى يأذن الله تعالى له بالشفاء العاجل ويجلس متأملاً من تلك النفوس الرحيمة التي سوف تطلع على حالته بأن تمد يدها له بالعون والمساعدة ممزوج بالرضا التام والتسليم المطلق بقضاء الله وقدره على ما قدره له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *