اخبار عمان

الحمدلله على اللقاء | جريدة الرؤية العمانية

 

خليفة بن عبيد المشايخي

[email protected]

 

قبله كنَّا نترقبه ونتمنى عيشه وأن نكون فيه، وقبله كان كثيرون منِّا يُمنُّون النفس ويحلمون ويتطلعون إلى التفرغ له والبذل فيه والاجتهاد، وقبله كان هناك من يعدون العدة لتقديم صورة مختلفة عما كانوا عليه وأحوالهم وظروفهم وأوضاعهم في السنوات السابقة، والظهور فيه هذه المرة، بمظهر مختلف يمكنهم من زيادة منسوب الإيمان لديهم، واكتساب قوة وقدرات ذاتية، يحاربون من خلالها وساوس النفس والشيطان، ويحققون جهادها، فجهادها والمهلكات الثلاث “دنيا وهوى وشيطان”، أمر بالغ الصعوبة، ويتطلب وجود الكثير، منها بيئات دين وإيمان لجعل القلب دائمًا وأبدًا يسمع فيها ويتشرب ويتغذى ويتلقى على مدار الوقت، كلام الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.

أليس في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله؟ وإن فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب!

قبله كانت النوايا تحدث نفسها لملاقاته، وكانت تبيت من الأمر أن تكون معه أفضل من ذي قبل، وأقوى أثناءه وبعده، وفي خضم هذه التداعيات والتساؤلات والمطالبات الخفية، مضى الوقت سريعاً وجاءت الأيام المعدودة بشكل أسرع، وهي الأخرى مضت بما فيها من حلو ومر، فكان الفقد خلالها حاضرًا، وكان الحزن بها متواجدا، وكذا الوداع حاصلا لم يكن متواريا، بيد أن ثمَّة سعادات من هنا وهناك أشاعت في النفوس بهجات وأنساً وفرحاً وحفاوات بنسب مختلفة.

وتفاوت الناس فيه أي شهر رمضان، بين مجتهد مكنته الظروف من ذلك، وبين من أظهر القليل وأبدى اليسير، وكانت تلك قدراته وما ضمه وحواه، وبين هذا وذاك، ربنا تبارك في علاه، هو من سخر وقدَّر وهدى وبارك ووفق، فاللهم لك الحمد على اللقاء.

نعم .. ثلاثون يومًا صمنا فيهن الشهر الفضيل إيمانا واحتسابا، وبعضنا من كان مريضا أو على سفر، فعدة من أيام أخر.

فيا ربنا نتضرع إليك يا حليم يا كريم ياودود يا رحيم ياذا العرش العظيم، أن تتقبل منَّا اليسير، وتعفو وتتجاوز عن الكثير والذنب والتقصير، فأحوالنا يا الله ليست متساوية وأنت أعلم بها، ولا متكافئة وأنت أدرى وأخبر بها، ألا إنه مع ذاك نقول الحمدلله والشكر لك يا ربنا على كل شيء.

لقد انتهى شهر رمضان المبارك وجاء بعده العيد وأيضا انتهى، وقيل عنه إنه سمي عيداً لعوده وتكراره، ولأنه يعود كل عام بأفراح متجددة، وبمناسبات اجتماعية وإسلامية ودينية متجذرة، ويستحب بعده صيام ستة أيام من شوال، جبرًا لما قد كان في صيام شهر رمضان من نقص واستزادة من الخير والبركات.

نعم .. عيد الفطر السعيد هو ما نحتفل فيه بعد انقضاء الشهر الفضيل، ففيه يفترض أن تتآلف القلوب ويزور الناس بعضهم بعضا، ينهون خصوماتهم، ويبددون أحقادهم، ويستلون ما علق فيهم من كره وحقد وعداوة وبغصاء وشحناء تجاههم، ويستغلونه لإحياء وترميم ما أفسدته الأيام والدهر، وما أحدثته من نزاعات وقطع لصلة الأرحام وعدم زيارة الأهل والأقارب، وتجديد الصلات والعلاقات بين المعارف والأصدقاء.

شهر رمضان الفضيل والعيد ينبغي أن يكونا فرصة للتصالح والتراحم وإصلاح ذات البين، ففيه زكاة الفطر، وفي عيد الأضحى الأضحية، ومن كليهما يكون نصيب للفقراء ويستوجب إخراجها على كل فرد.

فرحة العيد والاحتفال به، تختلف مظاهرها من بلد إلى آخر، وتتنوع العادات والتقاليد المرتبطة به من قطر إلى آخر، والصوم فيه محرم بالإجماع، وهكذا هي دورة الحياة تمضي ويفترض أن نتعلم منها الدروس والعبر، والتيقن أنه لا تدري نفس ماذا تكسب غدا، ولا تدري بأي أرض تموت، فعلينا أن نسامح ونعفو ونكرم ونُعطي بحب ونسعد بصدق وإخلاص، فلا دوام إلا للحي القيوم الباقي، ونرجوه أن يبارك في أعمارنا ولا يجعلنا عبئاً ولا وجعًا ولا ثقلا على أحد.

حفظنا الله تعالى وإياكم من كل سوء وشر ومكروه، وإلى الملتقى بإذن الله تعالى في مقال قادم وكل عام وأنتم بألف خير ومسرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *