اخر الاخبار

ما حركة “النجباء” العراقية التي تتوعد إسرائيل من سوريا

بعد غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن تدمير مقر “حركة النجباء” العراقية بالكامل، توعدت الحركة بالرد، وقال مسؤول العلاقات العامة لفرعها في سوريا، محمود الموسوي، إن إسرائيل قصفت المقر العسكري والمقر الثقافي التابع لها في دمشق، مشيرًا إلى أن الحركة جاهزة للرد.

واعتبر الموسوي أن الولايات المتحدة هي التي توجه إسرائيل لاستهداف مقار “المقاومة” ومقاتليها، بحسب ما نشرته قناة “النجباء الفضائية” عبر منصة “إكس”.

وعقب ساعات على القصف، وتعليق الموسوي، أصدرت الحركة بيانًا قالت فيه إن ردها “سيكون مباغتًا وقويًا”، معتبرة أن الهجوم على مقرها “لن يمر دون عقاب”.

وأشارت الحركة العراقية الموالية لإيران في بيانها إلى أنها ستصل إلى العمق الإسرائيلي، ردًا على استهداف مقرها العسكري والثقافي بدمشق.

وتزامنًا مع بيان الحركة، نشرت “المقاومة الإسلامية في العراق”، وهي تحالف من فصائل موالية لإيران تنشط في العراق وسوريا، ثلاثة بيانات قالت فيها إنها قصفت مواقع داخل إسرائيل.

وذكر البيان الأول أن “المقاومة الإسلامية” قصفت قاعدة “نيفاتيم” الإسرائيلية في منطقة بئر السبع، في حين تحدث البيان الثاني عن أنها قصفت “هدفًا حيويًا” في مستوطنة إيلات (أم الرشراش).

وقال البيان الثالث إن تحالف الفصائل نفسه استهدف ميناء “عسقلان” النفطي، لكن البيانات الثلاثة لم تشر إلى أن هذه الاستهدافات جزء من رد على القصف الذي طال مقر “النجباء” في سوريا.

ما حركة “النجباء”

وفق تحليل موجز كتبه الدكتور مايكل نايتس، وهو زميل في معهد “واشنطن للأبحاث”، ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران، فإن “النجباء” أو “حركة حزب الله النجباء” أثبتت جدارتها “كمحور للمقاومة” في سوريا، لكن دورها في “الإرهاب” والقمع داخل العراق كان أكثر غموضًا.

وأدرج التحليل الموجز “الحركة” ضمن الفصائل من المستوى الثاني، أي أنها تنفّذ عمليات عسكرية حركية تركّز إلى حد كبير على العمليات العابرة للحدود الوطنية.

وتمحورت الحركة العراقية منذ نشأتها حول شخصية وقاعدة سلطة أكرم الكعبي، وهو القائد العسكري البارز في ميليشيا “جيش المهدي” التابعة لمقتدى الصدر، وفق التحليل.

ووفق تقرير أعدته وكالة “رويترز” عام 2017، فإن الحركة كانت من بين فصائل شيعية ساعدت إيران بشق طريقها نحو دمشق.

وقال تقرير الوكالة حينها إن رجل دين عراقي يدعى أكرم الكعبي زار، في أيار 2017، مقاتلي الميليشيات في بلدة القيروان العراقية المهجورة (إثر معارك مع تنظيم الدولة) قرب الحدود السورية، وكان يرتدي زيا مموهًا، وقاد المقاتلين في الصلاة على حصر موضوعة على الأرض المتربة.

“رويترز” استحضرت مشهد صلاة أكرم الكعبي على بعد مئات الأمتار من الحدود مع سوريا لتقول حينها إن جماعة النجباء، التي يبلغ عدد مقاتليها نحو 10 آلاف مقاتل، صارت إحدى أهم الميليشيات في العراق وتساعد طهران على إنشاء طريق إمداد عبر العراق إلى دمشق، وفق ما نقلته عن النائب العراقي شاخوان عبد الله، والجنرال اللبناني المتقاعد إلياس فرحات، ومسؤولون آخرون في العراق.

 زعيم النجباء أكرم خلال الصلاة مع مقاتلي الحركة في بلدة القيروان غرب الموصل العراقية- 27 من أيار 2017 (وكالة تسنيم للأنباء عبر رويترز)

زعيم النجباء أكرم خلال الصلاة مع مقاتلي الحركة في بلدة القيروان غرب الموصل العراقية- 27 من أيار 2017 (وكالة تسنيم للأنباء عبر رويترز)

وجاء في دراسة أعدها “مشروع مكافحة التطرف” الأمريكي، وهو منظمة سياسية دولية غير ربحية تهدف لمكافحة التطرف، أن “حركة النجباء” تتبع أيديولوجية جهادية شيعية متجذرة في تعاليم آية الله العراقي محمد الصدر، والمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.

الهيكلية والتشكيل

وفق الدراسة التي أعدها “مشروع مكافحة التطرف” فإن الحركة ضمّت عام 2013، ثلاث وحدات فرعية وهي “لواء الحمد”، و”لواء عمار بن ياسر”، و”لواء الإمام الحسن المجتبى” وجميعها تم تشكيلها أو نشرها في سوريا.

وفي عام 2015، قال الكعبي إن المجموعة تضم أيضًا وحدة فرعية رابعة، هي “لواء تحرير الجولان”، بالإضافة إلى قوات الطبيعة الاحتياطية، وهي ميليشيا تطوعية شبه عسكرية أنشأها المرشد الأعلى الأول لإيران.

ووُصفت المجموعة بأنها “شبكة رائدة في تجنيد المقاتلين الأجانب في سوريا” و”رائدة في تجنيد المقاتلين الأجانب عبر الإنترنت”، وفق الدراسة.

وبحسب أوردته الدراسة، فإن المجندين الجدد بدأوا انتسابهم في معسكرات التدريب الإيرانية قبل نشرهم في حلب السورية، ومن ثم فُرزوا إلى “حزب الله- النجباء”، في حين لا يعرف فيما إذا استمر هذا النظام بعد سيطرة النظام السوري بدعم إيراني- روسي على مدينة حلب نهاية عام 2016.

وفي مقابلة أجريت معه في كانون الثاني 2019، صرح مؤسس الحركة أكرم الكعبي بأن الجماعة تتلقى جميع مستويات التدريب والتسليح وتقديم المشورة من خلال وجود قادة ومستشارين ميدانيين من “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، وكذلك من “حزب الله” اللبناني.

وأضاف أن المجموعة تلقت طائرة استطلاع من “الحرس الثوري”، بالإضافة إلى التدريب على استخدامها.

ووفق تحليل موجز منشور في “معهد واشنطن” لمايكل نايتس، فإن هناك قناعة واضحة أن إيران تزود الحركة بالمساعدة المالية والعسكرية وتتشارك معها معلومات استخباراتية، فضلًا عن مساعدتها في اختيار قيادتها ودعمها والإشراف عليها.

وتخضع وحدات “حركة النجباء” في سوريا للإشراف العملياتي والإداري المباشر لـ”فيلق القدس”، وفق التحليل.

وأضاف أن الحركة ممولة جزئيًا من الدولة العراقية، إذ تدير “اللواء 12” من قوات “الحشد الشعبي” العراقي الممول من الدولة، ويعتبر من مرتبات الجيش العراقي، وعادة ما يمر تسلسل القيادة عبر “الحشد الشعبي” التابعة لمكتب رئيس الوزارء صعودًا إلى رئيس الوزراء.

ووفق التحليل، فإنه غالبًا ما تخالف وحدات “الحشد الشعبي” ضمن الحركة سلسلة قيادة الحكومة العراقية، في وقت تبقى فيه من الناحية القانونية أحد أجهزة الدولة العراقية.

بين سوريا ولبنان

بعد مرور نحو شهر على انطلاق “طوفان الأقصى” وبدء العمليات العسكرية جنوبي لبنان بين “حزب الله” اللبناني، وإسرائيل، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي إن ميليشيا “لواء الإمام الحسين” بقيادة شخص يلقب بـ”ذي الفقار”، وصلت إلى لبنان لدعم “حزب الله”، مشيرًا إلى أنها أسست في الأصل في سوريا لتقديم المساعدة للمحور الايراني ومساعدة “حزب الله”.

ويتشابه مسمى “لواء الإمام الحسين” مع أحد أفرع حركة “النجباء” وفق الدراسة التي أشار لها “مشروع مكافحة التطرف”، بينما لا يوجد إعلان رسمي عن انتقال هذا الجزء من الفصيل نحو لبنان من سوريا.

وفي تقرير نشره موقع “إيران انترناشيونال” الإيراني المعارض لنظام الحكم في طهران، قال إن “لواء الإمام الحسين” يعرف باسم “حزب الله السوري”، وهو أكبر ذراع تنفيذية لإيران في سوريا.

ويعتبر هذا الفصيل واحدًا من أكبر الوحدات العسكرية متعددة الجنسيات التي أنشأها قائد “فيلق القدس السابق قاسم سليماني عام 2016، بزعم محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا، لكن هذه الميليشيات عملت كمظلة لتنفيذ أنشطة إيران في سوريا.

وتتكون هذه الميليشيات، المعروفة أيضًا باسم “حزب الله السوري”، و”حزب الله-2″، من القوات الشيعية في سوريا، والسودان، وقوات “لواء فاطميون” الأفغانية، و”زينبيون” الباكستانية، بالإضافة إلى ميليشيات “الحشد الشعبي” العراقية، و”أنصار الله” اليمنية.

في تحليل موجز نشره الباحث الزميل في معهد “واشنطن لدراسات الشرق الأوسط” فيليب سميث، فإن ميليشيات سورية مختلفة تعمل تحت اسم “حزب الله” في سوريا، وأسهم الوجود الجغرافي والعددي لـ “شيعة الإثنى عشرية” في البلاد بشكلٍ كبير في نموّ هذه الشبكة وتوسّعها.

و”شيعة الإثنى عشرية” هي مذهب إسلامي يمارس بشكل رئيس في إيران ولبنان والعراق، ولا يشكّل هذا المذهب الديني في سوريا سوى 1 أو 2% من السكان، لكنهم مركزون في مناطق استراتيجية مهمة استُخدمت لاعتراض خطوط التواصل والإمدادات التابعة للمعارضة، بحسب التحليل.

ويرى الباحث في تحليله أن نجاح “حزب الله” في لبنان شكًل مثالًا تنظيميًا ومصدر إلهام لـ”حزب الله” في سوريا، لكن إيران اتّبعت النموذج الذي استخدمته في العراق في إنشائها لـ “حزب الله” بنسخته السورية.


المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *