اخبار البحرين

الانتماء

يقين حمادة

«ما أقدر أكون معاهم.. ما أحس إني طبيعية مثلهم.. أحس إني ناقصة.. هم يسمعون لكن أنا ما أسمع مثلهم».

كانت هذه تساؤلات روان، تلك الفتاة الجميلة التي فقدت حاسة السمع في سن مبكرة، نطقت هذه الكلمات بعد شعور متعب بالبعد وعدم الانتماء، شعرت به تحديداً عند جلوسها مع مجموعة من الأشخاص الجدد الذين تجهلهم، ولكنهم طبيعيون في محيط غير مألوف بالنسبة لها لأنها اعتادت على محيطها السابق مع الأشخاص الذين يشبهونها لذلك لا تشعر بالبعد عنهم وتنتمي لهم.

يواجه الكثير من الشباب الطبيعيين أو حتى الشباب من ذوي الهمم لحظات ليست قصيرة أو ربما تكون عابرة من شعورهم بعدم الانتماء، أو بشعور لا يعرفون كيف ينسجمون فيه مع الآخرين ويفقدون ذواتهم في المكان الذي لا يشبههم، ربما يأتي ذلك الشعور لوجودك في مكان غير معتاد عليه، بينما بقية أصدقائك المقربين ما زالوا يدرسون في الجامعة، أو منشغلين بحياتهم، فتشعر بوحدة ووحشة غريبة وشعور بعدم الانتماء لهذا المكان، كذلك هو الحال عند انتقالك من بيئة قديمة إلى بيئة جديدة، أو انتقالك للعيش في مدينة جديدة، أو ربما حتى بسبب خوفك وقلقك من أفكار الآخرين عنك.

بشكل لا إرادي قد تفكر بينك وبين نفسك «محد يبي يعرفني.. أحس بيقولون إن أنا غريب.. ما أقدر انسجم معاهم خير شر…شكله ما بيحبوني»، فتترجم هذا أفكار بطريقة خاطئة وغير سوية إلى أفعال كالانطواء أو تتعمد الانعزال وتتجنب التجمعات والمناسبات الاجتماعية، وقد تنفصل عن ماضيك وحاضرك، ولا تهتم بمستقبلك وترفض واقعك.

ستشعر لوهلة أنك مسلوب الإرادة ولن تكون قادراً على التعايش مع واقعك أو تقبله، ومن الممكن أن لا يكون هناك أمل للتغيير أو محاولة الإصلاح، ولكن في حقيقة الأمر بإمكانك اتخاذ بعض التغييرات حتى ولو كانت بصورة بطيئة، ولكنها تكون راسخة فتبدأ بالظهور هذا التغييرات في حياتك بشكل تام.

لا تشعر بالانتماء؟؟؟ لا بأس، كن لطيفاً ومتفهماً مع نفسك وتقبل حقيقة من تكون، حتى ولو كنت مختلفاً، ولا تقلق من أفكار الآخرين عنك، ففي نهاية المطاف لربما هم أيضاً يبادلونك الشعور ويتفهمونك، كذلك تقبل حقيقة مكانك في هذا العالم، فالله لم يخلقك ويوجدك في هذه الدنيا عبثاً.

فالانتماء الحقيقي هو انتماؤك لذاتك ومشاركة ذاتك مع العالم لتكون جزءاً لا يتجزأ، وعضو فعال في هذا العالم الذي لا يطلب منك تغيير هويتك، بل يطلب منك أن تكون كما أنت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *