اخبار البحرين

«الفاو» للوطن: أسعار المواد الغذائية سترتفع خلال 2023 و2024

البحرين حولت التحديات إلى فرص وحققت نجاحاً يحتذى في الاستزراع السمكي

الانخفاض البسيط في أسعار الغذاء يقابله تسارع كبير جداً في أسعار الفائدة

الركود القادم سيؤثر في الإنتاجية والاستهلاك والقدرة الشرائية

«الفاو» سجلت أعلى ارتفاع لأسعار الغذاء على الإطلاق في مارس 2022

دائماً ما يرتبط ذكر «الفاو» بأسعار الغذاء، فما هي آخر تطورات الأسعار؟

موضوع أسعار الغذاء معقد وشائك وله أبعاد كثيرة ويحتاج إلى تفصيل لفهمه، فهناك أربعة عناصر هي أعمدة لتحقيق استدامة الأمن الغذائي بأي دولة، أولها وفرة الغذاء التي قد تكون بالإنتاج المحلي أو بالاستيراد لأن التجارة الآن أصبحت ذراعاً من أذرع تحقيق الأمن الغذائي وذلك يتطلب تعاوناً مع الدول المنتجة للغذاء لأنه لا يمكن لأي دولة حاليا إنتاج كل سلال الغذاء المطلوبة محلياً خصوصاً في منطقتنا العربية ذات الطبيعة الجافة والموارد المائية المحدودة. وحين نتكلم عن الاكتفاء الذاتي فإن المراد تحقيق الحد الأدنى الذي قد يصل في أفضل الأحوال إلى 50% من احتياجاتنا.

أما العنصر الثاني المطلوب لتحقيق الأمن الغذائي فهو إمكانية الوصول إلى الغذاء، فالغذاء قد يكون متوفراً في مخازن رئيسية لكنه غير متاح في شبكات التوزيع الداخلية أو في الأسواق أو شبكات النقل أو بعض الأماكن النائية، ثالث العناصر هو القدرة على الشراء إذ يجب أن يكون الغذاء في متناول الجميع خصوصاً أصحاب الدخل المحدود وهنا تدخل منظومات الدول لدعم السلع الأساسية حتى يصبح الغذاء في متناول الناس، أما الشق الرابع المهم جداً وهو مناسبة الغذاء للظروف الثقافية والطبيعية والصحية التي يتطلبها الغذاء الصحي فكون الغذاء متوفراً وغير صحي أمر يهدد بالجوع لأننا في مؤشرات القياس في «الفاو» نقيس كل هذه المتغيرات. وعندما نقول للدولة إن 50% من السكان مهددون بالجوع رغم أنه قد يكون هناك غذاء كثير متوفر في هذه الدول، وتستغرب الدولة وتتساءل لماذا أسماؤنا في قائمة المهددين بالجوع، وذلك لأن الغذاء المتوفر غير صحي أو غير متاح للناس أو غير مقبول في سعره.

أما عن الشق الخاص بالأسعار فإن «الفاو» تصدر مؤشراً يسمى «مؤشر الفاو لأسعار الغذاء» وهو يعلن نهاية كل شهر وهذا المؤشر تستند إليه الدول والمؤسسات الدولية في إدارة موضوع الغذاء وخصوصا تجارة واستيراد الغذاء، والمؤشر يشمل السلال الغذائية من حبوب وألبان ولحوم وزيوت.

وسلة الحبوب تحديداً هي الأهم وهي التي يشار لها دائماً في وسائل الإعلام بارتفاع الأسعار وتتكون من مجموعة من الحبوب منها الذرة الرفيعة والشعير والقمح والأرز القصير. فحين نعطي متوسط أسعار الحبوب للمؤشر فإننا نعطي الحبوب مجتمعة «الذرة، الأرز، الشعير، القمح».

ولنوضح أكثر نقول إذا كانت هناك وفرة في سلعة معينة مثل الذرة فإن هذا قد يساهم في تخفيض سعر السلة الغذائية، وليس بالضرورة خفض سعر القمح الموجود بالسلة والذي يعد سلعة أساسية في التجارة العالمية وفي حاجة الغذاء الأساسية.

وقد لاحظنا في بعض الأشهر أن هناك ارتفاعاً في سعر القمح مع أن المؤشر العام يشير إلى انخفاض الأسعار والإعلام كذلك يتحدث عن انخفاض مستمر في الأسعار.

أما الجانب الآخر الذي ينبغي وضعه في الاعتبار فهو الأزمات التي يمر بالعالم والتي تؤثر على نحو مباشر في الغذاء أكثر من ذي قبل وقد عايشنا مؤخرا أزمتين متواليتين كان لهما أثر كبير جداً على أسعار الغذاء؛ الأزمة الأولى هي جائحة «كورونا» التي أدت لقطع سلاسل الإمداد، وحتى بعد الوصول لمرحلة التعافي زادت متطلبات التعقيم في عملية شحن الغذاء مما زاد في أسعار الشحن والنقل والتخزين وكلفة التأمين مما أدى أيضاً إلى ارتفاع الأسعار في مرحلة التعافي وبعد ذلك ظهرت أزمة البحر الأسود أو الحرب الروسية الأوكرانية وأثرت كذلك على الأسعار لأن روسيا وأوكرانيا تمدان العالم بحوالي 30% من حاجة العالم من الحبوب وأكثر من 80% من حاجة العالم من الزيوت، أما على المستوى العربي فتصل نسبة الاعتماد على واردات الحبوب الروسية والأوكرانية إلى 70% وبعض الدول قد يصل الاعتمادها فيها إلى 90%. وبالتالي كان تأثير هذه الأزمة على العالم كبيراً وعلى العالم العربي أكبر خاصة وأنها تأتي في ظل عدم استعداد الدول وعدم قدرتها على الصمود في مواجهة هذه الصدمات.

كانت هناك توقعات بتراجع أسعار الغذاء هذا العام، فما مدى تحقق هذا الأمر؟

سجل مؤشر «الفاو» أعلى ارتفاع لأسعار الغذاء على الإطلاق في مارس 2022 وذلك منذ إطلاق المؤشر، بل حتى في الأزمة الاقتصادية الكبرى في 2008 لم يصل المؤشر إلى هذا الارتفاع.

وبعد هذا الارتفاع الكبير أخذ المؤشر في التراجع بشكل طفيف ولم نصل بعد إلى نصف معدلات السنوات السابقة، فنحن نتكلم على زيادة تعدت 30% وانخفاضات بمعدل 1% إلى 1.5% شهرياً وهذا يعطي مؤشراً في السنوات الأخيرة باهتمام الدول بموضع الأمن الغذائي وأنه ضمن أولوياتها الإستراتيجية.

هل نتوقع أن نشهد العام الحالي تراجعاً ملموساً في الأسعار؟

مسألة الأمن الغذائي وأسعار الغذاء ليست ة فقط بالغذاء وتوفره فهي ة أيضاً بحاجة الدول وزيادة عدد السكان والوضع الاقتصادي وهو العنصر الأهم فنحن نشهد انخفاضاً بسيطاً في أسعار الغذاء مع تسارع كبير جداً في زيادة أسعار الفائدة التي هي تتحرك أساساً بسبب زيادة سعر الفائدة على الدولار من البنك المركزي الأمريكي، وبالتالي فأي دولة ترصد عملتها مقابل الدولار ستتأثر بهذه الزيادة. ولدينا أكثر من 20 دولة في إفريقيا الآن تدخل في مرحلة اقتصادية صعبة جداً.

والدول التي لديها موازنات محددة سنوياً لشراء كميات محددة من الغذاء لن تستطيع زيادة موازنتها وبالتالي ستضطر لشراء كميات أقل وهذا قد يفسر الانخفاض الطفيف في أسعار الغذاء لأن الطلب سيقل بشكل اضطراري وليس لأن السوق متشبع بل لأن الدول ليس لديه القدرة على شراء الغذاء.

هل سيؤثر تراجع تكلفة الشحن الأسعار؟

أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت السلة الغذائية تتراجع هي كميات الذرة المنتجة من أمريكا اللاتينية خصوصاً الأرجنتين والبرازيل فقد كان هناك جزء كبير من الذرة يستخدم كعلف حيواني، ومع حدوث الأزمة الغذائية في البحر الأسود كان هناك طلب كبير على السوق العالمي فآثروا التصدير عوضا عن ترك المنتجات للسوق المحلية فازدياد كمية الذرة في السوق أدى إلى تراجع الأسعار كون الذرة مكوناً أساسياً للدول صاحبة الإنتاج الحيواني. أما فيما يتعلق بمنتجات اللحوم فموضوع الأسعار ليس اً فقط بأسعار الغذاء وسلاسل الإمداد سواء كان الشحن أو التأمينات ولكنه أيضاً بالعوامل الأخرى الاقتصادية.

لماذا لا يتلمس الجمهور تغير الأسعار؟

هناك جزء مهم وفني وهو سبب عدم ملاحظة الناس لتغيير أسعار الغذاء، وهو من أخطر المؤشرات، والمستهلكون لا يلاحظون الجانب المتعلق بالأسمدة فهناك ثلاثة أنواع من الأسمدة الضرورية للزراعة السماد النيتروجين والفوسفاتي وسماد البوتاسيم وأهمها النيتروجيني الذي يحسين الجزء الأخضر من النبات.

السماد النيتروجيني يعتمد في تصنيعه على الغاز وبالتالي فهو متأثر بسعر الغاز وآخر إحصائيات للفاو تؤكد على أن قرابة 50% من الإنتاج العالمي للغذاء يعتمد على الأسمدة ودون أسمدة لن نتمكن من إنتاج نصف الكميات المنتجة حالياً والتي هي أصلاً غير كافية فالأسمدة ة بالغاز وهي ة أيضاً بالطاقة من حيث النقل والمناولة فعند ارتفاع أسعار الأسمدة أول من يلاحظ ذلك المزارع والجهات المعنية بشؤون الزراعة والمستهلك لن يلاحظ أي شيء له علاقة بسعر الأسمدة إلا بعد نهاية موسم الحصاد.

ولكون بعض الدول قادرة مادياً تتدخل بمنظومة الدعم للمحافظة على السعر إلا أن ذلك سيثقل كاهل الموازنة وبالتالي لن تستطيع أن تستمر لفترة طويلة في الدعم وستعود الأسعار إلى الارتفاع.

وهنا يأتي تساؤل لماذا الارتفاعات دائماً مفاجئة في أسعار الغذاء؟

تبقى الارتفاعات عادة في مواسم الإنتاج لأنه يتم حساب تكلفة الإنتاج من مياه وأسمدة وعمالة ونقل وكلها تنعكس على سعر الغذاء النهائي فكل موسم له سعر ومتغيرات وينبغي الانتباه إلى أن السماد معتمد على الطاقة والطاقة لها مواسم. فنحن نعلم أن استهلاك الطاقة في أوروبا كبير بالشتاء وبالتالي فإن زيادة أسعار الغاز ستنعكس على أسعار الأسمدة.

وقد حدث أمر جدير بالذكر في ما يتعلق بالأسمدة فأوروبا مع بعض الدول تنتج أكثر من 30% من أسمدة العالم مجتمعة وروسيا تنتج وحدها قرابة 30% من حاجة السوق العالمي وكان عدد من الدول الأوروبية تصدر الأسمدة التي تنتج باستخدام الغاز الآتي من روسيا ومع قلة ضخ الغاز من روسيا تم إيقاف أغلب الوحدات التي تنتج السماد في أوروبا وتحولت الدول الأوروبية من مصدرة للأسمدة إلى مستوردة ويتوقع خلال 2023 و2024 ارتفاع الطلب على الأسمدة من السوق العربية والسوق الأوروبية ومع زيادة الطلب على الأسمدة سيكون هناك ارتفاع في أسعار الأسمدة مما سيكون له أيضاً أثر على زيادة أسعار الغذاء.

هل الأسعار لن تعود إلى ما كانت عليه؟

ربما تأخذ الأسعار منحى الارتفاع في ظل ركود عالمي متوقع بنهاية 2023 ومطلع 2024 وهذا سيكون له آثار كبيرة سلبية على اقتصاديات العالم ويجب أن تؤخذ في الاعتبار المؤشرات الاقتصادية القادمة والتي تشير إلى هذا الركود بوضوح وتشير إلى أن الدول يجب أن تسارع في تحقيق الأمن الغذائي لأن الركود سيؤثر في القدرات الإنتاجية والاستهلاكية والقدرة على الشراء.

والعديد من الدول بدأت تأخذ في سياسات الإنذار المبكر للمحافظة على الأمن الغذائي بزيادة القدرة التخزينية والتوزيع الداخلي والاعتماد على التجارة من خلال اتفاقيات تجارة حرة وأيضاً تنويع المصادر إذ يجب الاعتماد على عدة مصادر لأن العالم أصبح غير مأمون الجانب بسبب الأزمات.

كذلك اتجهت الدول لزيادة القدرة التخزينية الداخلية لأكثر من ثلاثة أشهر المعمول به حالياً وأصبحت تستهدف الوصول لستة وتسعة أشهر بل وعام بحيث يعطي ذلك للدولة مجالاً لتوفير الغذاء محلياً حال الأزمات والتغيرات العالمية في أسعار الغذاء والحد من التأثر المباشر والحصول على الوقت الكافي لرسم السياسات والبحث عن المصادر البديلة.

ولا يمكن في ظل ما نشهده الاستمرار في إنتاج الغذاء بالطرق التقليدية الحالية بل لا بد من استخدام التكنولوجيا في تعظيم الإنتاج المحلي ولدى دول الخليج نماذج ناجحة جداً في هذا الجانب سواء كانت عبر الزراعة العمودية والمائية وغيرها من الوسائل.

ويبقى لدينا ما يعرف بثقافة الاستهلاك لأننا مع هذه العوامل كلها ما زال لدينا على المستوى العربي 30 إلى 40% فاقد في الغذاء يرمى في القمامة بشكل يومي.

وجزء كبير من الفاقد هو جزء أساساً غير جاهز للاستهلاك المباشر ومثال على فاقد الغذاء مثلاً قشرة البرتقال.

القشرة نفسها يجب أن تقوم عليها الصناعة لأنها قابلة للاستهلاك المباشر فهي محسوبة في الوزن الأساسي للمستهلك ويجب أن نحفز الصناعات البديلة التي يمكن أن تنتج منتجات غذائية ذات فائدة وقيمة غذائية ويجب أن نركز على الغذاء الصحي لأن غذاءنا ما زال غير صحي.

ألا ترون أن الغذاء الصحي مكلف في إنتاجه؟

الغذاء الصحي غير المكلف فيمكن تحقيق ذلك ببعض الاختيارات التقنية ولا ننسى أن تكلفة الغذاء غير الصحي كبيرة جداً، وللعلم فالمؤشر الثاني للتنمية المستدامة للقضاء على الجوع الذي تقيسه منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة يشتركان في قياس عدد مرضى السمنة والسكر والتقزم ومرضى الضغط وتأخذ هذه المؤشرات كلها من قطاع الصحة وهي مؤشر خطير لسوء حالة الغذاء وحين نتكلم عن الوفرة نتكلم على صحة الغذاء، فالغذاء يجب يكون متزناً وصحياً حتى نقلل المضار الجانبية التي أصلاً لها تبعات اقتصادية سواء كانت مالية مباشرة في الإنفاق على قطاع الصحة أو في خسارة القوى العاملة نتيجة هذه الأمراض.

هناك شعوب لا تجد لقمة عيش ونحن نطالبهم بتناول طعام الصحي؟

في أولوية الشعوب المعدومة يكون التركيز حتى على الكربوهيدرات والسكريات لتوفير الطاقة خصوصاً الناس الذين دخلوا في مراحل متقدمة من الجوع، لكننا نتكلم عن الاستهلاك النمطي في متوسط الحال لدى أغلب الناس.

ملف الأمن الغذائي أخذ حيزاً كبيراً م طوال سنوات وأعيد طرحه فما سبب عدم حلحلته؟

أزمة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية كانت جرس إنذار لإيقاظ كل الدول وخصوصاً العربية منها لإعادة النظر في ملف الأمن الغذائي وللعلم فإن إجمالي الإنتاج العربي مجتمعاً يتراوح بين 20 و25% وهذه النسب تتفاوت بين الدول بل هناك من يعتمد على الاستيراد بنسبة 90%.

وينبغي الانتباه إلى أن جزءاً من الأزمة صنعها المجتمع بالعولمة، واعتبار العالم قرية واحدة والاعتماد على التجارة الدولية، ودائماً أقول إذا كان هناك خطر حصل خلال الأزمة الأوكرانية الروسية فهو فقدان الثقة بمنظومة التجارة العالمية لأن كل الدول كانت تعتمد طوال السنوات الماضية على التجارة العالمية في توفير الغذاء عوضاً عن تحمل كلفة الإنتاج التي قد تكون باهظة لاسيما مع قلة الموارد المائية والأرض غير الصالحة للزراعة. وهو ما جعلنا في كثير من الدول ومنها دول الخليج العربي يصل اعتمادنا على الاستيراد بنسب 70 و80 و90%.

والآن جرس الإنذار دعا كل الدول للتوجه للاكتفاء الذاتي ولو نسبياً لأن الاكتفاء الذاتي كان ينظر له على أنه على حساب الموارد الطبيعية التي هي غير موجودة أساساً وكان الاتجاه إلى الاستيراد عوضاً عن الإنتاج المحلي، فالاكتفاء الذاتي أصبح هاجساً ولو على حساب بعض الموارد المائية التي يمكن معالجتها لاحقاً. صحيح أننا لن نصل إلى الاكتفاء بنسبة 100% ولكن الدول تطمح في زيادة السعة التخزينية والإنتاج المحلي لأن سعة التخزين تعطي مساحة من الوقت للتعامل مع الصدمات وأيضا تعطيك جزءاً للسيادة.

ما نسبة الاكتفاء التي ينبغي أن نصل لها وهل هناك مؤشرات على تحقيق الاكتفاء؟

إذا وصلنا إلى نسبة 50% فنحن في جزء من الأمان الذي يمكننا من التعامل مع الظروف المتغيرة وبالإمكان استخدام التقنية المتاحة لتحقيق هذا الأمر، ولا ننسى أن هناك بدائل مثل الاستثمار في الزراعة الخارجية. وهذا الاستثمار يجب أن يبدأ بالاستثمار في استقرار هذه الدول الشقيقة والقريبة فكلما كان الغذاء أقرب كان أكثر أماناً. فالاستثمار في وضع الاستقرار السياسي والأمني داخل هذه الدول والتعامل مع المنظومة في المنطقة والإقليم لدعم هذا الاستقرار مهم جداً وهذا لا ينطلق من النخوة العربية والأخوة بل هو حاجة ملحة لتحقيق الأمن الغذائي وهذا ما حصل تحديداً في أوروبا فقد اتحدت كل الدول من أجل أمنها وسلامتها ولضمان استمرار التنمية والاستقرار وأعتقد أن هناك تفهماً كبيراً جداً من الدول لهذا الأمر فإذا تطرقنا لسوريا نجدها كانت تصدر القمح وكذلك السودان، وهاتان الدولتان يمكن أن تمدا العالم العربي بكامل احتياجاته.

تطرقتم للحاجة إلى الدعم رغم أن صندوق النقد دائماً ما يدعو لوقف الدعم.

الدول العربية أكثر الدول دعماً للغذاء الأساسي وهناك تجارب ناجحة في بعض دول الخليج والدول الأخرى أصبحت نموذجاً يستفاد منه، والدعم سوف يبقى لأهميته وهو موجود كذلك في المجتمعات المتقدمة مثل أمريكا حتى إن أوربا تدعم الزراعة بشكل كبير جداً.

ولكن يجب وضع إطار قانوني وتحديد مداخل الدعم فرفع الدعم عن كل السلع له سلبياته وحسناته لأن هناك قطاعاً خاصاً خارج دائرة المنظومة الحكومية وبالتالي قد يتأثر وأيضاً قد يرفع الأسعار بشكل تدريجي.

والدعم نوعان ما يعرف بالدعم المباشر وهو قيمة مالية ترصد في دعم الفرد داخل المجتمع والنوع الثاني دعم المنتج النهائي عند الاستهلاك وهو ما يعرف بدعم المستهلك وهذا الذي دأبت عليه العديد من الدول منذ زمن بعيد وله سلبيات تفوق إيجابياته فهو يؤثر في الاستهلاك وعلى الفاقد واستيراد المواد الأساسية لصناعة المنتجات سيستمر في الزيادة ونحن نتكلم على دعم مدخلات الزراعة التي قد تصل إلى التوازن بين نوعي الدعم فالدعم سيكون محدوداً وفي تكلفة الإنتاج أو المدخلات بما فيها الأسمدة وإمدادات المياه والأرض ومنظومة الدعم هذه ستزيد القدرة الإنتاجية كما أن دعم الإنتاج يمكن السيطرة عليه فهو رغم أنه محصور في فئة المزارعين إلا أن فائدته كبيرة فهو يتعدى الأشخاص إلى القطاعات.

وينبغي أن نلحظ أن المنظمات الدولية حين تتكلم عن دعم الطاقة لما له من علاقة بزيادة الانبعاثات في الدول الغربية والأوروبية أصبح الدعم كله على الإنتاج في المدخلات.

كيف تقيمون تجربة البحرين بالأمن الغذائي؟

البحرين أحد النماذج وهناك العديد من النجاحات في المنطقة فهناك دول استطاعات تحويل التحديات إلى فرص وأحدها مملكة البحرين التي حققت نجاحاً في الاستزراع السمكي والذي يمكن أن تكون تجربتها نموذجاً يحتذى للعديد من الدول التي تطمح لاستكشاف الاستزراع السمكي.

أما في مجال الزراعة فيبقى أمام البحرين تحديان أساسيان هما عدم وفرة المياه ويمكن توفيرها من خلال الموارد المتاحة سواء عبر التحلية وتحدي الأرض المتمثل في تداخل مياه البحر على الأراضي الزراعية والمياه الجوفية. وهذه التحديات تتطلب استخدام التقنية فهناك فرصة كبيرة جداً للاستثمار في موضع الزراعة العمودية والمائية التي تمكن الدولة من الإنتاج بشكل فعال. إيهاب أحمد

توقع عبدالحكيم الواعر المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا بمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو»، ارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة زيادة الطلب على الأسمدة خلال العامين 2023 و2024 وحدوث ركود عالمي.

وقال:«إن المؤشرات الاقتصادية تؤكد إلى أن الدول يجب أن تسارع في تحقيق الأمن الغذائي لأن الركود الاقتصادي سيؤثر في القدرة الإنتاجية وقدرة الاستهلاك وقدرة الشراء».

وأضاف في حوار مع «الوطن» أن أزمتي «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية كانتا جرس إنذار للمنطقة لإعادة النظر في ملف الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي النسبي بالإنتاج المحلي وزيادة السعة التخزينية للتعامل مع الصدمات.

وتطرق إلى وجود فاقد غذاء يومي يرمى في القمامة تصل نسبته إلى 40% على المستوى العربي نتيجة ثقافة الاستهلاك، داعياً إلى وضع الحلول لتقليل نسبة الهدر.

وعن التجربة البحرينية في الأمن الغذائي قال: «إن البحرين حولت التحديات إلى فرص وحققت نجاحاً يحتذى في تجربة الاستزراع السمكي إلا أن أمامها تحدييْن أساسييْن، الأول: عدم وفرة المياه، والثاني: تداخل مياه البحر على الأراضي الزراعية والمياه الجوفية». معتبراً أن استخدام التكنولوجيا سيساهم في التعامل مع التحديات. وفي ما يلي نص الحوار..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *