اخبار البحرين

سهيل القصيبي: تعلمت من والدي حب الدين والإيمان والتواضع

أعشق رياضة “الكيك بوكسينغ” وافتتحت أول مركز في البحرين

تربيت في منزل متعدد الثقافة والديانة وكنا نحتفل بالكريسماس

كنت أعيش بفقاعة حتى التحقت بمدرسة حكومية وتعرفت العالم على حقيقته

مكتبة والدي تضم 20 ألف كتاب أغلبها دينية رغم أنه محسوب على الليبرالية

حبي للبحرين دفعني لإنشاء المؤسسة البحرينية للحوار بعد أزمة 2011

أحب المطبخ البحريني وطبقي المفضل “المحمر”

سماهر سيف اليزل

سهيل غازي القصيبي، ولد في ألمانيا الغربية ونشأ في الرياض وعاش في البحرين، تربى بمنزل متعدد الثقافات والديانات، شخصية متميزة متعددة الأبعاد ذهنياً وثقافياً، رياضي وسياسي ورائد أعمال، عاشق للفنون القتالية منذ الصغر.

سهيل القصيبي فتح دفاتر ذكرياته في حوار مع “الوطن” وحكى تفاصيل مسيرته الحافلة، مؤكداً أنه محظوظ كونه ابن غازي القصيبي وأنه تربى في منزل مختلط متميز ومختلف، مشيراً إلى أن البيئة التي عاش وكبر فيها كان لها الأثر الأكبر في تكوين شخصيته.

وأشار إلى أن مكتبة والده غازي القصيبي كانت تضم 20 ألف كتاب أغلبها دينية رغم أنه محسوب على الليبرالية، مشيراً إلى أن حبه للبحرين دفعه لإنشاء المؤسسة البحرينية للحوار بعد أزمة 2011 .

وفيما يلي نص الحوار …

من هو سهيل القصيبي؟ أين كانت الولادة والنشأة؟ وما أبرز ذكريات الطفولة؟

أنا الابن الثاني بين ثلاثة أخوة وأخت، أبناء الدكتور غازي القصيبي، وقد ولدت في ألمانيا الغربية، ونشأت في الرياض، وكانت ذكريات الطفولة لي بريئة محملة بالذكريات الجميلة حيث كنا نقضي نهاية الأسبوع مع الوالد في عدد من البرامج والفعاليات أو نمارس رياضة السباحة والخروج مع الأطفال واللعب.

تربيت في السعودية في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات وهي فترة الصحوة الإسلامية، وكنا ندرس التوحيد والفقه والتلاوة ونحن في عمر أقل من 12 سنة.

والدتي ألمانية ووالدي رحمه الله سعودي، في البداية لم نكن نعرف أن هذا الأمر خارج المعتاد، ولكن بعد أن ذهبنا إلى المدرسة شعرنا بأننا مختلفون، خصوصاً أن الوالد كان شخصية معروفة، والأمر الآخر أننا نصف أجانب، وتعرضنا للسخرية والتنمر بسبب هذا الاختلاف، ومع الوقت عرفنا أننا عائلة مختلطة مميزة.

وبسبب كوني ابن غازي القصيبي سنحت لي الفرصة وفي عمر صغير بأن ألتقي وأصافح عدداً من ملوك المملكة العربية السعودية آنذاك منهم الملك خالد والملك فهد والملك عبد الله رحمة الله عليهم، وأمير الكويت الأسبق والشيخ عيسى رحمة الله عليهم وغيرهم .

وقد قدمت إلى البحرين في عام 1985 بعد سنة من نقل والدي الراحل الدكتور غازي القصيبي ليكون سفيراً للمملكة العربية السعودية لدى المنامة.

ما هي أبرز محطات حياتك الدراسية والعملية؟

حصلت لي صدمة ثقافية عند انتقالي إلى البحرين، خصوصاً أني كنت في مدرسة خاصة، وسُجلت في مدرسة حكومية، وكانت الصدمة كبيرة أولاً كوني سعودياً وذا لهجة مختلفة وبشرة فاتحة إلى حد ما، ولم أكن متعوداً على صفوف بها 40 طالباً وأكثر، ولم يكن في الصف مكيفات وكنا نتشاجر للجلوس تحت المراوح، ولم أكن أفهم اللهجة.

كانت مرحلة صعبة ومهمة وكان لها أثر كبير في حياتي، ولكني تأقلمت بسرعة وأشكر الله أنني مررت بهذه المرحلة في حياتي، لأنها جعلتني أعرف الناس، حيث كنت أعيش في فقاعة، ولم أكن أعرف العالم على حقيقته، وأتذكر في أول يوم لي بالمدرسة وفي وقت “الهدة” فُتحت الأبواب وكان الطلبة يخرجون الأمر الذي صعقني حيث إننا في مدارس الرياض لم نكن نخرج بهذه الطريقة بل كنا ننتظر أن ينادي علينا “العم سالم” يا فلان أبوك بره، يا فلان السائق عند الباب، وعدت لأحكي القصة لوالدتي مستنكراً، فقالت لي إن هذا هو الطبيعي، أما ما كنتم تعيشون به لم يكن العادي والطبيعي.

ثم انتقلت إلى مدرسة الشيخ عبدالعزيز، ودرست عاماً ونصف في جامعة البحرين ثم انتقلت إلى بريطانيا للدراسة الجامعية، وهذه كانت الصدمة الثانية التي أشعر بها حيث كانت المرة الأولى التي يُطلب مني أن أفكر وأن أبدي رأيي في موضوع، حيث كان النظام البريطاني مميزاً ومغايراً لنظم التعليم الأخرى، فقد كان نظام يعلم الطالب التفكير والاستقلالية وإبداء الرأي، وهو ما أثر في حياتي إلى حد بعيد جداً وساهم في تكوين شخصيتي .

حدثنا عن بدايتك في مجال ريادة الأعمال ؟

عملت بعد انتهاء الدراسة في لندن بشركة سابك لمدة أربع سنوات، وبعدها قررت نيل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، وأثناء كل ذلك كنت أمارس رياضة “الكيك بوكسينغ” حيث إني كنت أحب هذه الرياضة جداً.

وعندما انتقلنا إلى البحرين في الثمانينات بدأت ممارسة الكاراتيه، وفي بداية ٢٠٠٢، وبعد العودة إلى البحرين بدأت أُعلم «الكيك بوكسنغ» كهواية ولكن مع الوقت أصبحت الهواية عملاً حيوياً وتعمقت فيه، وبعد سنتين أنشأت مركزاً لتعليم الفنون القتالية “زندو بحرين” في الهملة والحمد لله كان الإقبال على المركز ممتازاً، وكان هذا مشروعي الأول، ثم أنشأت مركزاً للاستشارات التسويقية كمشروع ثانٍ، وكان المشروع الثالث مركز «دريم بودي» وهو مركز لياقة وخسارة وزن، وبعد وفاة الوالد أسست شركة قابضة مع الوالدة والإخوان وكنت أنا رئيس المجلس لسنوات عديدة، واليوم أدير مكتب فلك للاستشارات الاستراتيجية والابتكارية، وعدداً من المشاريع عبر الأون لاين.

هل كان للوالد رحمه الله تدخل في حياتك العملية؟

كان الوالد رحمه الله ينصح ولكن لا يتدخل، بل كان الداعم الأول لي دائماً، مادياً ومعنوياً.

ما هي هوايات سهيل القصيبي ؟

أنا مهتم جداً بالرياضة وأمارسها بشكل يومي، وأحب سباق الحواجز، بالإضافة إلى القراءة، وأقرأ في مجال ريادة الأعمال ومجال الابتكار، التاريخ، الفقه والإسلام.

ما مدى تأثير البيئة التي نشأت فيها على ما أنت عليه الآن؟

البيئة كان لها أثر كبير جداً ولكن الأثر الأكبر دون استثناء هو أن البيت كان مختلط الديانات والثقافات، حيث كنا نحترم الثقافة الألمانية والديانة المسيحية احتراماً شديداً، وكنا نحتفل بالكريسماس، وكان الوالد يفعل ذلك تقديراً واحتراماً للوالدة وثقافتها، وكنا نذهب في كل صيف لألمانيا وننخرط مع الأسرة، ولم أسمع يوماً أحداً من والديّ ينتقد ديانة أو ثقافة الآخر، حيث كان هناك احترام تام للثقافات، وكان لهذا الأمر أثر في تأسيس المؤسسة البحرينية للحوار حيث إني كشخص تربيت على احترام الاختلاف واحترام ثقافة الآخر بغض النظر عن الديانة أو المذهب، وأنا ممتن جداً لهذا الأمر، وأعتقد هذا ما كان له الأثر الأكبر في حياتي.

الوالد رحمه الله هو قدوتك في الحياة فما أبرز ما تعلمته منه وما أبرز ذكرياتك معه ؟

التواضع، فقد شهدت الوالد في مواقف كثيرة ومع شخصيات مختلفة من ضمنهم ملوك وشيوخ، كما رأيت الوالد مع مرؤوسيه ولاحظت أن فرق تعامل والدي معهم بسيط جداً، ولم يتعدَ فرق المعاملة سوى البروتكولات البسيطة، وكان يحترم الجميع ولا يعتبر نفسه أهم من غيره .

والأمر الثاني الإيمان، حيث كان والدي مؤمناً جداً، وفي مكتبته يوجد ما يقارب ال20 ألف كتاب أغلبها كتب دينية، علماً بأن غازي القصيبي كان يُحسب على الليبرالية ولكن أنا أقول إن لبراليته كانت تنبع من إيمانه الشديد بالإيمان الصحيح والذي يعني أن الإسلام دين الحرية، وإيمانه الشديد بالعمل الصالح، فتعلمت منه الإيمان الشديد وممارسة الإسلام الصحيح إسلام الاقتناع والإيمان بالله عز وجل .

ما سبب إنشاء المؤسسة البحرينية للحوار وما أبرز ما تقدمه المؤسسة اليوم ؟

أسست المؤسسة البحرينية للحوار في 2012 ، بعد أزمة 2011، وجاءت الفكرة بتأسيس جمعية أو مؤسسة لمعالجة الشق الاجتماعي الذي حدث في البحرين، وكنت أرغب في إنشاء جمعية بعيدة عن السياسة، لأن قلبي كان على البحرين، فاقترحت الفكرة وتم الترحيب بها ومباركتها من قبل سمو ولي العهد، وبالتالي تم الترخيص، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم قامت المؤسسة ب 150 فعالية مختلفة، وحضر للمؤسسة أكثر من 10 آلاف شخص، وبها 60 عضواً أسهموا في نجاحها .

كان هدف المؤسسة آنذاك التركيز على المصالحة المجتمعية، وفي 2016 تم تغيير الاسم إلى المؤسسة البحرينية للحوار، وأصبحت تهدف لنشر ثقافة الحوار المجتمعي وتدريب الآخرين على مهارات الحوار، وبناء السلام والجسور وتقوية النسيج المجتمعي، ونحن بصدد إطلاق برنامج “تيسير” وهو برنامج متكامل من الألف إلى الياء لتدريب البحرينيين على تصميم وتيسير الحوار المدني، لتفعيل المبادرات المجتمعية وبالتالي تمويلها وتنفيذها، وهو برنامج قوي يسهم في تغيير الحياة، وهناك ما يقارب 4 نواب اليوم كانوا من خريجي هذا البرنامج في الماضي.

حدثني عن سهيل القصيبي الزوج والأب؟ وهل اتبعت نهج والدك في التربية؟

أنا متزوج منذ 23 سنة من علياء المؤيد، وسر نجاحي وسعادتي هي زوجتي، وهي السند والداعم الأول لي، وأنا أب لـ 3 أبناء وهم سلمى وليث وتميم، وأساس السعادة في حياتي هم أبنائي أيضاً. وإلى حد ما انتهجت نهج الوالد في تربيتي لأبنائي، ولكن لا بد من بعض التغيير بسبب اختلاف الأجيال .

أكثر أكلة تفضلها ؟

أحب المطبخ البحريني جداً، وتنصهر إرادتي أمام طبق المحمر والصافي.

ما هي رسالتك إلى الشباب ورواد الأعمال في البحرين؟

الرسالة الأولى لا تنتظر، حيث ينتظر الكثيرون أن يصبحوا شيئاً ما أو ينتظرون الظروف الملائمة، وهو أمر خطأ لذلك رسالتي لكل شاب.. يجب أن تبدأ، وأن تكتشف. والرسالة الأخرى، هناك اعتقاد من الشباب بالتطلع إلى أن يكون رائد أعمال وهو أمر غير صحيح في كل الأحوال، والتوظيف ليس بالأمر الخطأ فريادة الأعمال لا تناسب الجميع .

والرسالة الأخيرة، لا تخف من الفشل، فالفشل أمر طبيعي في الريادة، وهذه هي سنة الحياة، وإذا تعديت الخوف من الفشل ستجتاز كل أمر في الحياة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *