اخبار مصر

ثورة شعب | فقدان الشرعية.. مسار التمرد على نظام الإخوان | أخبار وتقارير | بوابة الكلمة

مر مسار الرفض السياسي والمجتمعي والشعبي لحكم جماعة الإخوان بمجموعة من المراحل التي تدرجت من رفض منح الإخوان أنفسهم سلطة مطلقة فوق كل سلطات ومؤسسات الدولة، وصولا إلى فقدان هذا النظام الشرعية الشعبية للاستمرار في الحكم.

رفض السلطة المطلقة

جاء الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره الرئيس المعزول محمد مرسي في نوفمبر 2012 ليكتب أول سطور ملحمة ثورة 30 يونيو، إذ كان هذا الإعلان هو الشرارة الأولى لاتحاد كافة القوى الوطنية والشعب بكل أطيافه وراء هدف واحد وهو الإطاحة بنظام حكم الإخوان الذي لم يعد ممكنا استمراره أكثر من ذلك، بعدما عادى كل فئات الشعب وكافة مؤسسات الدولة، وانقلب على كل أسس الشرعية والأعراف الدستورية المستقرة في الضمير والوجدان المصري فقد مثل هذا الإعلان الدستوري تطورًا طبيعيا لنهج جماعة الإخوان منذ توليها الحكم القائم على الإقصاء والتفرد بالشكل الذي ظهر في تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور ومناقشاتها، والذي مهد لاتحاد قوى المعارضة ضد حكم جماعة الإخوان.

ولذلك بعد يومين فقط من إصدار الإعلان الدستوري، وتحديدا يوم 24 نوفمبر 2012 تكونت جبهة الإنقاذ الوطني التي ضمت غالبية الأطياف الحزبية السياسية في مصر، وشملت كلا من أحزاب الدستور، ومصر القوية، والتيار الشعبي، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، والتحالف الشعبي الاشتراكي والتحالف الديمقراطي الثوري الذي يضم 10 أحزاب وحركات ثورية، وتحالف الأحزاب الناصرية، ومصر الحرية والوفد، والمصريين الأحرار، والنقابة العامة للفلاحين واتحاد الفلاحين المستقل، والجبهة الوطنية للنساء. بالإضافة إلى بعض رموز العمل السياسي في مصر مثل: عمرو حمزاوي، ووحيد عبد المجيد، وعبد الجليل مصطفى، وسامح عاشور وسكينة فؤاد، وسمير مرقص ونبيل زكي، ومنير فخري عبد النور، وفؤاد بدراوي، وعبد الغفار شكر، وجورج إسحاق، وكريمة ،الحفناوي، وشادي الغزالي حرب، ومحمد سامي، وحسين عبد الغني وأحمد البرعي، ومحمد أبو الغار، وأحمد سعيد.

رفضت هذه الشخصيات والكيانات الإعلان الدستوري المكمل، ووصفته بالديكتاتوري وبداية العودة لعصور حكم الفرد والفاشية السياسية. واجتمعت تحت لواء جبهة الإنقاذ الوطني بهدف أن تكون الجبهة كيانا جامعا لكل القوى الرافضة للإعلان الدستوري، وقررت رفض الحوار مع رئيس الجمهورية قبل إسقاط الإعلان الدستوري، ودعم الحشد الثوري في ميادين مصر، ودعم الاعتصام السلمي الذي تقوم به جماهير الشباب وشباب الثورة، ودعم القضاة ورجال القانون في موقفهم الحاسم بالدفاع عن السلطة القضائية التي ألغاها الإعلان الدستوري.

وقد هبت كذلك جموع القضاة وعلى رأسهم المجلس الأعلى للقضاء ونادي القضاة وقضاة المحكمة الدستورية ضد الإعلان الدستوري الذي تضمن اعتداء غير مسبوق على استقلالية القضاء وأحكامه. وتوحد الفرقاء السياسيون في مصر ضد هذا الإعلان الدستوري وتوالت الاجتماعات والوقفات والاحتجاجات ضده، وبدأت المظاهرات من القوى السياسية والحزبية ضد الرئيس المعزول محمد مرسي وإعلانه الدستوري تبع ذلك استقالة عدد من كبار المسؤولين الحكوميين من مناصبهم احتجاجا على هذا الإعلان من بينهم عدد من مساعدي ومستشاري رئيس الجمهورية، مثل: سكينة فؤاد وفاروق جويدة، وسمير مرقص، وسيف عبد الفتاح، وعمرو الليثي، ومحمد عصمت سيف الدولة، ورفيق حبيب.

أظهرت هذه التحركات ضد الإعلان الدستوري أن حالة جامعة قـد وحدت المصريين في مواجهة النهج الإخواني، وهي الحالة التي ازدادت صلابة واتحادًا بعدما تحول التلويح الإخواني بالعنف إلى حقيقة واضحة بالهجوم على المتظاهرين والمعتصمين أمام قصر الاتحادية في 5 ديسمبر 2013 فهذه الأحداث مثلت نقطة دراماتيكية في مسار حالة التوتر والاستقطاب الداخلي التي بدأت في التصاعد بشكل كبير بعدها، فخرجت المظاهرات الرافضة لحكم الإخوان منتشرة في كافة المحافظات المصرية منذ صباح اليوم التالي، وتركزت تلك المظاهرات في محيط مقرات حزب الحرية والعدالة في كافة المحافظات، بالإضافة مقر مكتب الإرشاد بمنطقة المقطم، وميدان التحرير بوسط القاهرة الذي احتضن مظاهرة حاشدة قال فيها المواطنون بوضوح “يسقط حكم المرشد”.

وهي الحالة التي دفعت “مرسي” إلى إصدار إعلان دستوري جديد في 8 ديسمبر 2012 يلغي الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 21 نوفمبر 2012 ولكنه في الوقت ذاته يبقي ما ترتب عليه من آثار، ويجعل من الإعلانات الدستورية التي يصدرها غير قابلة للطعن عليها أمام أية جهة قضائية، وأن تنقضي الدعاوى المرفوعة بهذا الشأن أمام جميع المحاكم ما يشير إلى استمرار الإصرار الإخواني على الانتقاص من السلطة القضائية، والمضي قدما في مسار السيطرة على كل مفاصل الدولة، لا سيما مع الدعوة إلى الاستفتاء على الدستور رغم كل الاعتراضات التي وجهت لعمل الجمعية التأسيسية التي سيطر عليها الإخوان والتيارات الإسلامية الأخرى.

إطلاق حملة “تمرد”

رتبت هذه الحالة من العناد الإخواني وعدم الاستقرار في الدولة على كافة المستويات تبلور رؤى حقيقية تبحث في كيفية الإطاحة بهذا النظام. سواء داخل جبهة الإنقاذ الوطني أو غيرها من القوى والتيارات السياسية. الأمر الذي أسفر في أبريل 2013 عن ظهور حركة تمرد على يد مجموعة من الشباب الرافض للتدهور الذي وصلت إليه البلاد على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية. وقد لعبت الحركة دورا محوريا في حشد وتنسيق جهود رفض حكم الإخوان، وأظهرت وجود كتلة واسعة مكونة من ملايين المصريين يرفضون استمرار هذا النظام.

أطلقت الحملة فعالياتها الميدانية يوم 26 أبريل 2013 في نطاق 18 محافظة، ثم أصدرت بيانها التأسيسي في 28 أبريل 2013 قالت فيه: «وجب علينا، التمرد حلم وحق حلم من ضحى وقدم حياته فداء للوطن، وحق الشعب المصري أن ينعم في وطن ذي 3 أضلع رئيسة لا ينفصل أحدهم عن الآخر، وهم الاستقلال الوطني والحرية والعدالة الاجتماعية”، موضحة أن فكرتها تتلخص في استمارة صغيرة يوقع عليها المواطنون، مستهدفة جمع 15 مليون توقيع لسحب الثقة من الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ليكون ذلك الرقم أكثر ب مليوني صوت من الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات. وجرى اختيار يوم 1 مايو لتدشين الحركة ميدانيا بالتزامن مع عيد العمال.

وسرعان ما اكتسبت “تمرد” زخما شعبيا واسعًا بين صفوف المواطنين الرافضين لحكم الجماعة الإرهابية، واستطاعت اختراق كافة فئات وطبقات المجتمع المصري من رجال السياسة والفنانين والمثقفين الذين وقع بعضهم الاستمارة على الهواء في البرامج التلفزيونية، إلى المواطنين البسطاء في كافة ربوع الدولة المصرية بما في ذلك القرى والنجوع وساندتها بعض القوى السياسية مثل: جبهة الإنقاذ الوطني، وحركة 6 أبريل، والجمعية الوطنية التغيير، وحركة كفاية، والعديد من الأحزاب السياسية التي فتحت مقراتها لها لمساعدتها في جمع عدد أكبر من التوقيعات والانتشار في مدن وقرى الجمهورية.

وظهرت مبادرات مجتمعية لتقديم الدعم للحركة بتوفير مقرات وأدوات تمكنها من أداء عملها، وانتقلت عملية جمع التوقيعات من الشوارع إلى تنظيم فعاليات مخصصة لها. وتجلى الإيمان المجتمعي بالحركة في قيام بعض المواطنين بطباعة استمارات “تمرد” على نفقاتهم الخاصة وتوزيعها، وتنفيذ حملات طرق الأبواب لجمع التوقيعات من المسنين وكبار السن في المنازل.

وقد اعتمدت الحركة على مجموعة من الآليات التي ضمنت لها الشفافية واكتساب ثقة الجمهور، حيث تطلب التوقيع على استمارتها كتابة الاسم بالكامل والرقم القومي لتحقيق النزاهة وتضمنت الديباجة التي يوقع أدناها المواطن أعلن أنا الموقع أدناه بكامل إرادتي وبصفتي عضوا في الجمعية العمومية للشعب المصري سحب الثقة من رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي عيسى العياط، وأدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وأتعهد بالتمسك بأهداف الثورة والعمل على تحقيقها، ونشر حملة تمرد بين صفوف الجماهير حتى تستطيع مغا تحقيق مجتمع الكرامة والعدل والحرية.

وبعدما اكتسبت الزخم الشعبي المنشود، أطلقت موقعها على الإنترنت لتتيح إمكانية توقيع الاستمارة الكترونيا، واعتمدت الحركة على اللا مركزية من خلال المشاركة النشطة للأعضاء المسجلين ممن يتطوعون لجمع التوقيعات، وعملت على جذب انتباه الإعلام، وحرصت على عقد مؤتمرات صحفية مرحلية للإعلان عن عدد التوقيعات.

وخلال مسيرتها تعرضت الحركة وأعضاؤها لمضايقات من جماعة الإخوان الإرهابية، تمثل في حرق مقرها بما يتضمنه من استمارات، وتعرض عدد من فروع الحركة في المحافظات للاعتداء ومحاولة التخلص من الاستمارات الموقعة، وخطف بعض الأعضاء والاعتداء بالضرب على البعض الآخر، إلى جانب حملات التشويه والبلاغات الكيدية، ومحاولة تشكيل حركة مضادة تحمل شعار “تجرد”.

ولكن على الرغم من كل هذه المضايقات، نجحت الحركة بحلول 29 يونيو 2013 في جمع 22 مليون و 145 ألف توقيع، منهم 5833 استمارة من المصريين بالخارج، وفقًا لما أعلنته في المؤتمر الختامي الذي جرت وقائعه من داخل نقابة الصحفيين وحددت الحركة يوم 30 يونيو للخروج في مظاهرات حاشدة ، بالتزامن مع حلول الذكرى الأولى لاعتلاء محمد مرسي سدة الحكم، ووضعت الحركة مسارات متعددة لتحرك المواطنين، وعملت على حلهم على الصمود في الشوارع والميادين ورفع “الكارت الأحمر” في وجه الجماعة الإرهابية ولبى ملايين المصريين بالفعل نداء التمرد على نظام الإخوان في كل ميادين مصر.

كانت الأمانة العامة للحوار الوطنى أعدت تقريراً بمناسبة ذكرى ثورة يونيو المجيدة جاء تحت عنوان “ثورة شعب” ويتضمن الحديث حول الطريق إلى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ بالإضافة إنجازات الدولة المصرية تحت لواء الرئيس عبدالفتاح السيسى في ١٠ سنوات، وذلك عبر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *