اخبار عمان

الكرامة العربية المفقودة | جريدة الرؤية العمانية

 

محمد بن سالم التوبي

 

متى تستيقظ هذه الأمّة من سُباتها؟! متى ترى النّور الذي غاب عنها قرونًا من الزمن؟! أما يُحرِّكْ قلوبنا ما تفعله الكيان الصهيوني في غزّة؟! متى ستتحرك نخوة العرب الذين غابت نخوتهم عن نجدة أهلهم في غزة التي مرّغ صمودها وجه الكيان الصهيوني الغاصب وعفرت التراب على وجه الدول التي تتغنّى بالديمقراطية التي فقدت مصداقيتها ليصير يقينا أنها حبر على ورق، ولا يمكن الوثوق بها ولا تصديقها مهما فعلت من تحسين صورتها.

دولنا العربية وجامعتنا العربية ما هي إلّا كأحجار النرد تُرمى من أجل الحظ، فمتى نصحو من غفلتنا التي نحن عليها؟! نحن نذهب إلى الهاوية، فلا كرامة لنا بين الأمم، وفي كل يوم تُستباح دولنا ولا يمكن لنا أن نرفع رؤوسنا، فمن لا كرامة له فلا هامة له؛ ففي عالم كعالمنا هذا إن لم ترفع رأسك وترفض ما يعاكس فطرتك وأخلاقك وثقافتك وكرامتك فأنت نكرة، ولا يمكن لك برفع رأسك لتقول من أنت بين الأمم؛ لأنه حينها لا يلتفت إليك أحد من الناس ليسمع ماذا تقول أو ماذا تفعل؟!

هذا الذي يحدث في غزة ما هو إلّا تخلٍ واضح عن هذه الكرامة التي نسلّمها لحثالة البشر ليمرغوا بها في الوحل، ولو وجد الكيان الصهيوني ذرّة من كرامة للعرب لما فعل الذي فعله في غزّه، ولما استهان بدماء الفلسطينيين إلى درجة أنه يُبيد الفلسطينين بدمٍ باردٍ، ولا تتحرك غيرة العرب على إخوانهم وأخواتهم. فأين ذهبت هذه الغيره وأين غارت هذه الكرامة، عجبًا لما آلت إليه هذه القلوب التي لا تتحرك لنصرة أهل غزّة ولو بداعي الإنسانية إن لم تجد عروبة ولا دينًا ولا كرامة.

الأحرار في العالم ينتصرون لأهل غزة ويدافعون عنها دفاعًا مستميتًا ويحاربون من أجل الضغط على إسرائيل لوقف الحرب، نحن في الوطن العربي بعيدين كل البُعد عن الإستفادة مما لدينا من وسائل ضغط على الكيان الغاصب أو حتى الدول التي تساندهم؛ على الرّغم من كل الأموال التي تستثمرها الدول العربية في هذه الدول، وعلى الرّغم من النفط والغاز الذي تملكه دولنا العربية، وعلى الرّغم من صداقتنا مع الدول الكبرى التي لا نعني لها شيئًا في الحقيقة وإنما نعني لمصالحها فقط.

ما الذي يدفع بالدول الأوروبية للدّفاع عن إسرائيل هذا الدّفاع المستميت؛ على الرّغم من البُعد الجغرافي الذي يفصلها عن الكيان؟! وتراعي المصالح التي يتبادلها الكيان مع الدول الكبرى أكثر من المصالح مع الدول العربية! الكل يعرف ماذا تعني استثمارات الدّول العربية والخليجية في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو في بعض الدول الأوروبية مثل بريطانيا أو فرنسا وغيرها من الدول، لا ريب أنها تعني الكثير لهذه الشعوب ولكن هم يدركون أن الدول العربية لن تتحرك للدفاع عن مصالحها أو مصالح الفلسطينيين، وهو ما يتبين لنا جليًّا من السكوت المدقع الذي تتبناه دولنا العربية والإسلامية.

متى تنتصر هذه الأمّة لهذه الكرامة التي نفقدها يومًا بعد آخر بدعوى المصالح الفردية؟! لن تكون هنالك مصالح حقيقية للعرب إذا لم تكن لدينا مصالح لهذه الأمّة التي نأسى عليها، فقد فقدت بوصلتها وإيمانها بالنصر وفقدت معها المبادئ التي جعلت من إسرائيل عدوًا طوال ما يقارب قرنًا من الزمن.

نحن اليوم كعرب إذا أردنا أن نعيش كأمّة محترمة علينا أن ندافع عن القدس وفلسطين كدفاعنا عن دولنا وترابها؛ وإلّا فلن نعيش في كرامة وسنسلّم تراب الأرض العربية مستقبلًا إلى العدو الغاشم الذي يسعى بكل المساعي إلى تفتيت ما تبقى من القيم والاستيلاء على ما لدى هذه الأمة من خيرات ومقومات اقتصادية كبيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *