اخبار عمان

دور المجتمع في مكافحة المخدرات

 

د. محمود البلوشي

حللت مؤسسة “جلوبال ويب إندكس” البحثية في لندن بيانات 45 دولة من أكبر دول العالم في أسواق الإنترنت، ورأت أن الوقت الذي يكرِّسه كل شخص لمواقع التواصل الاجتماعي أو تطبيقاتها يقدر بـ143 دقيقة يوميًا، أما عن الجمهور المتتبع لتلك الوسائل فانقسم إلى قسمين: الجمهور الوهمي والجمهور العقلاني.

وحقيقة برز لدينا في السلطنة حاليًا العديد من المشاهير من الجنسين في وسائل التواصل الاجتماعي ولهم جمهورهم وعشاقهم، فتارة تجدهم في محلات الحلاقة يصورون، وفي الحدائق يصورون وفي المحلات التجارية يصورون، ويروجون لتلك المحلات التجارية، مقابل مبلغ مُعين من المال. وهذا من حقهم. وعلى حد علمي فإنَّ الحكومة شرّعت ذلك ووضعت لهم لائحة تنظيمية يسيرون عليها وإجراءات معينة يتبعونها. وكون هذه الفئة “المشاهير” لهم قاعدة جماهيرية كبيرة، فلماذا لا نجد أحدًا من هؤلاء المشاهير يتناول قضايا مجتمعية تؤرق المجتمع وتنخر عظامه مثل المخدرات؟!

المخدرات في سلطنة عمان آفة؛ بل هي حرب تُشن على شبابنا، وعلى ذلك فإنَّ القيادة الرشيدة السامية وضعت تلك المشكلة في عين الاعتبار، من خلال إصدار المرسوم السلطاني السامي رقم 24/ 2023، والذي جاء في مادته رقم 5 على أن اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية تتبع مجلس الأمن الوطني، وهنا يؤكد جلالته حفظه الله أنها مشكلة أمن وطني، إلى جانب تأسيس إدارة متخصصة في شرطة عمان السلطانية معنية بمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.

مؤشرات وإجراءات تؤكد أن سلطنة عمان بيئة مستهدفة لترويج المخدرات، خاصة وأن المهربين والعصابات الدولية تستغل طول الشواطئ العمانية التي تقدر بنحو 3165 كيلومترًا من مضيق هرمز في الشمال إلى الحدود مع اليمن في الجنوب، والإطلالة المباشرة على بحار ثلاثة وهي بحر العرب وبحر عمان والخليج العربي، والبحار المفتوحة مع إيران وباكستان واليمن، وبالتالي فإنَّ موقع السلطنة يستغله المجرمون كنقطة عبور لتجارة المخدرات المجرمة دوليًا. وهنا نُشيد بالجهود الجبارة التي تنفذها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.

لكن ليعلم الجميع أن أي دولة لا يمكنها بمفردها أن تتصدي لتلك الآفة؛ الأمر الذي يفرض ضرورة تعاون جميع فئات المجتمع، فضلاً عن التعاون على الأصعدة الإقليمية والدولية.

وتشير التقديرات الدولية للمنظمات الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول” الى أن نسبة ما يُضبط الى نسبة ما يُهرَّب من المخدرات في أفضل الظروف يتراوح بين 10 إلى 20%، وهذا مؤشر خطير. أما على مستوى السلطنة فنجد أن نسبة الشباب المتعاطين للمخدرات في السلطنة في ارتفاع مستمر، ويجب أن يكون هناك تكاتف مجتمعي للحد من هذا التفشي. والمقصود هنا بالتكاتف المجتمعي هو أن تقوم كافة مؤسسات الدولة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية والتربوية وبالشراكة مع الآباء وأولياء الأمور، بمحاربة هذه الآفة، من خلال وضع منهج متخصص يحذر من تلك الآفة. ولا ننسى في هذا السياق دور وزارة الصحة في علاج المدمنين، وما يتم تنفيذه من حملات توعوية وإرشادية في المدارس والجامعات، إلى جانب دور وسائل الاعلام.

لقد كانت هناك مظاهر سابقة لحملات مكافحة المخدرات، مثل الحملات التي شارك فيها النجم العماني علي الحبسي حارس منتخبنا سابقًا، والنجم عماد الحوسني، ونتمنى أن نرى المزيد من الأدوار التوعوية ينفذها الجميع، من مثقفين وشباب ومؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، ولنرفع جميعًا شعار “لا للمخدرات” كي نحمي وطننا وشبابنا من الهلاك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *