اخبار عمان

سوق العمل ونظام حماية الأجور

نوال العريمية

كثيرا ما نسمع عن مصطلح سوق العمل، ولكي يتم التعرف عليه بشكل دقيق، يجب تفصيله ومعرفة مكانه، وزمانه ومحدداته والعوامل المؤثرة فيه وما هي منتجاته التي يتم تداولها، وكيف يؤثر في اقتصادات الدول. حيث يُعرف سوق العمل إجمالا على أنه سوق مكانه افتراضي يجمع بين العرض والطلب وهم أصحاب العمل والباحثين عنه، حيث يتم الاتفاق والتفاوض على الأجر ونوع العلاقة والتكلفة مقابل ما يتم إنتاجه وله تأثير اقتصادي يتجلى في مستوى تلك الأجور ومستوى الإنتاجية بشكل مختصر.

بناء على ذلك، هناك عدد من الخصائص التي يوصف بها السوق وتميزه عن غيره من الأسواق، فالسلعة المنتجة هي الجهد والوقت فلا يمكن تخزينها أو تداولها، كما أنها لصيقة بالعامل أو الموظف الذي يحدد عطاؤه العامل الإنساني والاجتماعي بكل محدداته السلوكية والشخصية والاجتماعية والتنشئة وغيرها من الأمور، كما أن هناك تنوع واختلاف في أسباب التفاوضات التي تنشأ بين أطراف العلاقة وبالتالي تحتاج إلى إدارة بشكل مختلف من التدخل والمتابعة والتأثير فيها تبعًا لذلك.

لذلك، كانت معلومات سوق العمل الكاملة والشاملة والدقيقة ذات الموثوقية العالية، والتي تصف تفاصيل كل الأحداث المرتبطة بسوق العمل ذات تأثير كبير في صنع القرارات ووضع السياسات المؤثرة فيه والتي تنتج جراء الحوارات المتبادلة لتحسين البيئات الحاضنة لجميع التفاعلات بين العرض والطلب بأبعادها المختلفة الجغرافية والديموجرافية المحلية والدولية. خاصة المكونات الرئيسية التي تتمثل في إجمالي القوى العاملة ومستويات الأجور وخصائصها وتوزيعاتها، والقوى العاملة المتاحة للعمل والجاد منها وكذلك التي يتم اختيارها من قبل أصحاب العمل وفقا لأولوياتهم.

لذلك فإن سوق العمل واسع الأبعاد والتعاطي معه يجب أن يراعي أكثر من اتجاه، وكونه سوق افتراضي فإن عملية تنظيمه شائكة وقد تكون غير مرضية نظرا لاتسعاع وتنوع أطرافه. المتمثلة في أصحاب العمل والعمال والمخططين وواضعي السياسات، وجهات التعليم والتدريب والتنمية الاجتماعية .. إلخ من المؤسسات، كما أن التسارع التقني وتوظيف التكنولوجيا الابتكارية أسهم في تغيير العلاقات وجعلها أكثر تعقيدا في تحديد مستويات الأجور والإنتاجية وإعادة التوظيف.

من هذا المنطلق قامت وزارة العمل بعدد من المبادرات لترجمة اختصاصتها التي رُسمت لها من واقع المرسوم السلطاني القاضي بإنشائها لموازنة العلاقات وتجويد البيئات الممكنة لرفع مستوى الرضا بين جميع الأطراف. والتي كان من أهمها ما يقوم بمعالجة مجموعة الإشكاليات الحالية والتي تمثلت في قضايا الأجور والإسهام في الحد من ظاهرة التعيين الصوري والتجارة المستترة.

ويأتي نظام حماية الأجور كنظام شامل ومشترك بين وزارة العمل والبنك المركزي العماني لوضع حلول مشتركة لعدد من الأطراف في سوق العمل ومتطلب يدعم القضاء في إصدار الأحكام وتسوية النزاعات المتعلّقة بمستحقات القوى العاملة. ويتوافق مع متطلبات المنظمات الدولية وحقوق الإنسان، والهدف منه هو حماية القوى العاملة (الوطنية والوافدة) من خلال التاكد من استلام أجورهم وفق المتفق عليه قانونا بين العامل وصاحب العمل قيمة وحينا، وكذلك توفير قاعدة بيانات موثقة عن حركة أجور العاملين في القطاع الخاص. ما يمكن المعنيين من رصد التأخير في صرفها واتخاذ الإجراءات المترتبة على ذلك قانونا. وضمان حقوق القوى العاملة في حينها و بالقدر المتفق عليه وتسريع تسوية المنازعات التي قد تنشأ من جراء ذلك، ناهيك عن أن توفر البيانات يمكن من القراءات الاستباقية التي ستقلل أو تمنع حدوثها مما يزيد من الإنتاجية ويحقق استقرارًا في سوق العمل.

حيث إن من فوائد استخدام استخدام البيئة التقنية الموثقة وقواعد البيانات المحمية لنقل الأموال بصيغ موحدة للبنوك، ضمان قراءة بيانات الأجور بشكل متكامل في منشآت القطاع الخاص، يُسهل عمل الدراسات المختلفة لا حقا لمعرفة مستويات الأجور في سوق العمل و حسب خصائص متعددة مثل المهن والأنشطة الاقتصادية والقطاعات والتوزيع الجغرافي إلخ من خصائص القوى العاملة. ومن ناحية أخرى فإن وجود قاعدة البيانات تلك سيسهم في تحقيق التحول الإلكتروني الشامل ويسهل إجراءات المؤسسات الحكومية التي تتطلب إثبات الرواتب كجزء من خدماتها الإلكترونية وغير الإلكترونية .

ولعل من أهم ممكنات النجاح التي يسهم بها أصحاب العمل في تعظيم الاستفادة من مخرجات هذه المبادرة هي االعمل على اكتمالها وشموليتها، من خلال التأكد من تسجيل المؤسسة في النظام والمداومة على تحديث بيانات أجور القوى العاملة العمانية وغير العمانية خاصة الرواتب والمهن وبيانات التواصل، والتأكد من تحويل الأجور وفقا للفترات المحددة بعقود العمل المبرمة بين الأطراف.

أخيرا، فإن الجهود تتجه طامحة نحوإتاحة المعلومات الإحصائية والتوقعات المستقبلية ذات العلاقة بالأجور لمتخذي القرار، ومؤسسات القطاع الخاص والمواطنين على حد سواء، لقراءة مستويات الأجور في سوق العمل كلٌ وفقا لاحتياجاته لمراجعة مستوى الأجر المرتبط بالمؤسسة وكذلك المواطن لتمكينه من أخذ القرار السليم في قبول أو رفض المهن المعروضة عليه أو وفقا للمتوفر في سوق العمل. بهدف تحقيق مزيدٍ من الشفافية والمشاركة الفعالة في سوق العمل والاستقرار تبعا لذلك لجميع الأطراف.

************

المراجع:

  1. فريق العمل حماية الأجور
  2. موقع منظمة العمل الدولية
  3. موقع وزارة العمل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *