اخبار الإمارات

تزييف عميق

دار جدل واسع حول فيديو بثّه نجم عربي شهير عبر منصات شبكات التواصل الاجتماعي، إذ أصر كثيرون على أنه لم يكن المتحدث، بل نسخة افتراضية منه خُلقت بواسطة الذكاء الاصطناعي، وفق ما يُعرف بتقنية «التزييف العميق». يبدو الأمر مرعباً بكل المقاييس، حين نتخيل أنه بإمكان أحدهم صناعة نسخة تكاد تكون متطابقة منّا، ويُنطقها بما يريد! ولا يقتصر الخطر على ذلك، بل أصبح ممكناً بفضل هذه التقنيات صناعة مشاهد بذيئة أو صور مخلة لمشاهير، أو حتى أشخاص اعتياديين وتهديدهم وابتزازهم.

وفي ظل هوس المشاهدين بهذه المقاطع، من الصعب أن يصدّقوا، أو غالباً لا تتوافر لديهم رغبة في تصديق ضحية هذا التزييف، حين يدافع عن نفسه وينفي تورّطه في هذه الفيديوهات أو الصور.

ومن المهم في هذا السياق، الاطلاع على دليل التزييف العميق الذي أصدره البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي، إذ يتناول جوانب مهمة متعلقة بهذه التقنية، ويوضح أنه يجري عادة استغلال «التزييف العميق» لأغراض مسيئة، مثل الإضرار بسمعة الأفراد والدول والتلاعب بالرأي العام، بقصد التأثير في حدث سياسي، أو إعاقة عمل الحكومة، وزعزعة الثقة باستخدام واقع مزيّف يمكن حدوثه، بل يصل الأمر إلى خلق أدلة ملفّقة للتأثير في أحكام القضاء.

وبكل أسف، حوّلت هذه التقنية حياة البعض إلى جحيم، فكانوا عرضة للتنمر الإلكتروني، مثل رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة، نانسي بيلوسي، التي تم التلاعب بأحد خطاباتها لتبدو مرتبكة متلعثمة، ما أساء إليها كثيراً، وحوّلها إلى مادة للسخرية والاستهزاء.

ولا يقتصر الأمر على المشاهير فقط، إذ استُخدمت هذه التقنية في عمليات احتيال كبرى، واختراق مؤسسات مصرفية، وبالطبع خداع أفراد ليست لديهم دراية كافية لاكتشاف الحقيقي من المزيّف، خصوصاً لو كان التزييف بالدرجة الحالية من العمق والإتقان. والمزعج أن هذه التقنيات كانت تقتصر في بدايتها على المحترفين من «الهاكرز» ومبرمجي الذكاء الاصطناعي، لكنها أصبحت أكثر تطوراً وانتشاراً، وتتوافر حالياً تطبيقات وأدوات تحتاج إلى قدر أقل من البيانات والمهارة، وتُنتج عمليات تزييف أكثر دقة وخطورة.

توفر دولة الإمارات مظلة تشريعية رصينة وقوية تحمي أفراد المجتمع، من خلال نصوص واضحة تجرّم التنمر الإلكتروني، وانتحال صفة الغير، والاحتيال الإلكتروني، وغير ذلك من الجرائم الة بالتزييف العميق، لكن يتحتّم علينا التحلي بالوعي الكافي، وعدم الانخداع بكل ما نراه على شبكة الإنترنت، والتأكد شخصياً من محدّثنا قبل التورط في الإفصاح عن بيانات أو أسرار أو تحويل أموال.

محكم ومستشار قانوني

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *