اخبار عمان

أمريكا المُنافقة.. سقوط أخلاقي مدوٍ في مُستنقع قمع الحريات

البيت الأبيض ينفجر غيظًا من الأصوات المعارضة للدعم الأمريكي لإسرائيل

أمريكا تستخدم ملف حقوق الإنسان للضغط على الحكومات وتسقط في أول اختبار حقيقي

صدمة بالمجتمع الأمريكي بسبب مشاهد العنف ضد الطلبة وأساتذة الجامعات

اعتداءات وفض اعتصامات بالقوة ضد الطلبة وأعضاء هيئة التدريس

اعتقال أكثر من 500 شخص من الطلاب الداعمين للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية

القانون الأمريكي يمنح الأفراد الحق المطلق في حرية التعبير والتجمع السلمي

الطلاب يرون أن المطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية “اختبار أخلاقي حقيقي” للعالم

منظمات حقوقية تندد باعتقال المتظاهرين وتطالب باحترام الحق في التعبير عن الرأي

اتحاد الحريات المدنية الأمريكي: تعامل الشرطة مع الاحتجاجات يمثل حملات قمع غير دستورية

اخبار عمان غرفة الأخبار

كشفت الاحتجاجات والاعتصامات الطلابية الواسعة في الولايات الأمريكية المتحدة زيف ادعاءات وشعارات الإدارة الأمريكية حول حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبيرة، إذ إن إدارات الجامعات وعدد من المسؤولين والسياسيين وإدارة البيت الأبيض، لم تتحمل سماع صوت داخلي يعارض السياسة الأمريكة بخصوص الحرب الإسرائيلية الغاشمة على غزة.

وعلى مدار السنوات الماضية، كانت أمريكا تستخدم ملفات حقوق الإنسان كورقة ضغط ضد العديد من الحكومات وخاصة الحكومات العربية، لتأتي هذه الانتفاضة الطلابية لتعرّي المبادئ الأمريكية وتكشف الفجوة الكبيرة بين الادعاءات وما تمارسه أمريكا على أرض الواقع، إذ أظهرت الصور ومقاطع الفيديو قيام الشرطة الأمريكية بفض الاعتصامات الطلابية بشكل عنيف والاعتداء على الطلبة والطالبات وأعضاء هيئة التدريس، وهو ما يتعارض مع مبادئ حرية الرأي والتعبير التي تتغنى بها أمريكا طوال الوقت.

وفي الوقت الذي يمنح في القانون الأمريكي الحق المطلق في التعبير عن الرأي وحرية التجمع السلمي، صُدم المجتمع الأمريكي من مشاهد اعتداء أفراد الشرطة على الطلاب والأساتذة، ليتبين مدى تأثير اللوبيات المؤيدة لإسرائيل على متخذي القرار في الإدارة الأمريكية.

وقد أفادت وسائل إعلام أميركية الجمعة بأن تدخلات الشرطة في عدد من الجامعات لفض الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين، أسفرت عن اعتقال 500 شخص.

ومن أبرز أعضاء هيئة التدريس الذين وثقت الكاميرات لحظة اعتقالهم، رئيسة قسم الفلسفة من جامعة إيموري في أتلانتا بولاية جورجيا نويل مكافي وأستاذة الاقتصاد كارولين فوهلين بجامعة إيموري، إثر مشاركتهما في مظاهرة تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة ووقف الدعم الأمريكي لإسرائيل.

ولقد بدأت هذه المظاهرات في 17 أبريل بجامعة كولومبيا، حيث نظم تحالف طلابي يضم أكثر من 120 منظمة طلابية وأعضاء هيئة التدريس اعتصاماً، ونصبوا خياما على أرض الجامعة، ولحقت كولومبيا العديد من الجامعات الأمريكية الأخرى بل والأوروبية أيضًا.

ويؤيد الشباب الأمريكيون الوقف الدائم لإطلاق النار في غزة بنسبة 5 إلى 1، وفقا لاستطلاع الشباب الذي أجراه معهد هارفارد للسياسة، خلال الفترة بين 1421 مارس الماضي، على 2010 شباب أميركيين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما، ونُشر في جامعة هارفارد الأسبوع الماضي، جاء فيه أن 51% من المستطلعة آراؤهم يؤيدون وقف إطلاق النار، بينما يعارضه 10% فقط.

وبحسب البروفيسور ديفيد بالومبو ليو، أستاذ الأدب المقارن في جامعة ستانفورد فإن المزيد من الشباب الأميركيين يرون أن الدفاع عن فلسطين “اختبار أخلاقي حقيقي للعالم”، مثلما كانت تنظر إليه الفيلسوفة والكاتبة والناشطة الحقوقية الأميركية أنجيلا ديفيس.

وبسبب هذه الانتهاكات، نددت منظمة هيومن رايتس ووتش واتحاد الحريات المدنية الأميركي باعتقال المتظاهرين وحثا السلطات على احترام حقوقهم في حرية التعبير.

من جهتها، أعلنت منظمة “فلسطين القانونية” أنها قدمت شكوى اتحادية متعلقة بالحقوق المدنية ضد جامعة كولومبيا عقب اعتقال عشرات المحتجين المناهضين للحرب على غزة بعد أن استدعت الجامعة الشرطة لفض اعتصام.

وفي السياق، عبّر مشرعون ديمقراطيون بولاية جورجيا عن قلقهم البالغ إزاء تقارير عن استخدام الشرطة قوة مفرطة في حرم جامعة إيموري، وقال المشرعون إن استخدام الشرطة أساليب مكافحة شغب متطرفة يعد تصعيدا خطيرا.

وأضافوا أن قيادة الولاية بدأت في التعامل مع الاحتجاجات باعتبارها أعمال عنف أو إرهاب، كما قال اتحاد الحريات المدنية الأميركي بولاية جورجيا إنها حملات قمع غير دستورية.



مظاهرات أمريكا غزة (7).jpeg

مظاهرات أمريكا غزة (5).jpeg

مظاهرات أمريكا غزة (5).jpg

مظاهرات أمريكا غزة (4).jpg

مظاهرات أمريكا غزة (4).jpeg

مظاهرات أمريكا غزة (3).jpeg

مظاهرات أمريكا غزة (3).jpg

مظاهرات أمريكا غزة (2).jpg

مظاهرات أمريكا غزة (2).jpeg

مظاهرات أمريكا غزة (1).jpg

1 الرئيسية.jpg

مظاهرات أمريكا غزة (1).jpeg

صورة كبيرة 2.jpg

 

“معاداة السامية”.. التهمة الزائفة لقمع معارضي إسرائيل

مع ظهور أي احتجاجات منددة بالجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين منذ عام 1948، تسارع اللوبيات الداعمة لدولة الاحتلال إلى اتهام المشاركين في هذه الاحتجاجات من الأفراد والمنظمات بـ”معاداة السامية”.

ولقد برز استخدام هذا المصطلح في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، لإسكات الأصوات المعارضة للانتهاكات الإنسانية وجرائم الحرب في غزة.

وعلى سبيل المثال، قامت مجموعة “أكيوراسي إن ميديا” في جامعة كولومبيا بتمويل “شاحنات التشهير”، التي كانت تتجوّل في الحرم الجامعي، وتعرض شاشات تحمل أسماء ووجوه الطلاب المؤيدين لفلسطين تحت عنوان: “معاداة السامية”.

ولقد اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاركين في المظاهرات الطلابية في الجامعات الأمريكية بأنها “معادية للسامية”، ليرد عليه السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز قائلا: “لا يا سيد نتنياهو، ليس من قبيل معاداة السامية أو تأييد حماس أن نشير إلى أنه في غضون ما يزيد قليلا على 6 أشهر قتلت حكومتكم المتطرفة 34 ألف فلسطيني، وجرحت أكثر من 77 ألفا آخرين، منهم 70% من النساء والأطفال، لن تصرفوا انتباهنا عن هذه الحرب غير الأخلاقية”.

ولقد روج اليهود لمصطلح “العداء للسامية”، وتذكر دائرة المعارف اليهودية في تعريف المصطلح بأنه مستخدم للإشارة إلى أي حركة منظمة ضد اليهود أو أي شكل آخر من أشكال العداء لليهود.

وابتدعت الصهيونية مفهوم “معاداة السامية” وبدأت توظفه لتحقيق مصالحها بعدما اتخذت القيادات الصهيونية من ظاهرة معاداة السامية ذريعة لفصل الجماعات اليهودية في أوروبا عن المجتمعات المسيحية التي كانت تعيش بينها، وطورت على أساسها الفكرة القومية الموجهة لإنشاء ما يسمى بالوطن القومي لليهود.

ويرى مؤرخون أن أن مصطلح العداء للسامية يحتوي على العديد من المغالطات التاريخية والإثنية، إذ إن اليهود الأوروبيين الذين اخترعوا هذا المصطلح لا ينتمون إلى الساميين، بل هم أوروبيون يعيشون في أوروبا منذ عام 70م بعد أن طرد الرومان اليهود من فلسطين وشتتوهم في كل بلاد العالم فيما يعرف بالشتات اليهودي العام، وقد تغيرت الأوضاع العقلية والجسمانية لليهود الذين شتتوا في البلاد الأوروبية، وفقدوا المواصفات العربية (السامية) وأصبحوا أوروبيين.

الغضب الطلابي.. تاريخ من الاحتجاجات لدعم القضايا العادلة

عرض الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا للمطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، فيلما وثائقيا حول الحراك الطلابي في ستينيات القرن الماضي عندما كانت الاحتجاجات الطلابية الهائلة في الجامعات، تتنوع في أسبابها ومطالبها، حيث شملت مواقف رافضة للحرب في فيتنام، ولنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وتأييدًا لحركة حقوق الإنسان والمساواة.

واعتصم طلاب الجامعات الأميركية، في أكثر من مرة ومناسبة، داخل الحرم الجامعي أو خرجوا إلى الشوارع رافعين شعارات الاحتجاج والغضب، رفضاً لقضايا مختلفة، مثل حرب فيتنام ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أو للمطالبة بحقوق أخرى، مثل حركة الحقوق المدنية التي ساهمت بإنهاء التمييز ضد الأميركيين من أصل أفريقي، وفي أحيان أخرى حملوا مطالبات التغيير في قضايا ترتبط بسياسات جامعاتهم ونظامها التعليمي.

وكان لبعض تلك الاحتجاجات، والتي اتخذت منحا دموياً في بعض الأحيان، تأثيرات عميقة على المجتمع والمشهد السياسي الأميركي عامة، كما كانت محطة فارقة في مسار النضال من أجل الحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية، وطالت تداعياتها أيضًا عمل وسياسات الجامعات الأميركية.

وتعود أشهر الاحتجاجات الطلابية التي اندلعت بالولايات المتحدة إلى ربيع عام 1968، وذلك في أعقاب سيطرة أكثر من ألف طالب في جامعة هوارد التي تدرس بها غالبية من الطلاب ذوي الأصول الأفريقية على المبنى الإداري للمؤسسة.

وطالب المتظاهرون باستقالة رئيس الجامعة، وبتركيز المنهج التعليمي للجامعة على تاريخ وثقافة الأميركيين الأفارقة، وإنشاء نظام قضائي يشمل الطلاب بالإضافة إلى إسقاط الإجراءات التأديبية بحق الطلاب المشاركين في احتجاج سابق.

وتوجّت هذه الاحتجاجات بموافقة الجامعة على الاستجابة للمطلبين الأخيرين، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.

وبعدها بشهر واحد فقط، وفي خضم الجدل الدائر بالأوساط الأميركية بشأن الحرب في فيتنام، استخدم طلاب جامعة كولومبيا تكتيكا احتجاجيا مماثلا، للمطالبة بإلغاء جامعتهم لعقد يربطها مع مركز أبحاث للأسلحة ومنع خطط لبناء صالة رياضية في حديقة عامة في حي هارلم، الذي تقطنه غالبية من الأميركيين من أصل أفريقي.

وأقدم الطلاب المتظاهرون على احتلال عدة مبانٍ بالمؤسسة لمدة أسبوع، قبل أن يقتحم حوالي ألف رجل أمن الحرم الجامعي لإخلائهم. وخلال هذه العملية أصيب أكثر من 100 شخص، وقبض على أكثر من 700 شخص في ذلك اليوم، معظمهم بتهم التعدي الإجرامي والسلوك غير المنضبط، بحسب “واشنطن بوست”.

واستمرت الاحتجاجات لبقية الفصل الدراسي، مما شل الجامعة التي قررت في الأخير إنهاء علاقاتها مع مركز الأبحاث الدفاعي، وإيقاف خطة لبناء صالة الألعاب المتنازع عليها، وفقا لمجلة “تايم”.

وعام 1985، تجمع آلاف الطلاب في ساحة سبرول في حرم جامعة كاليفورنيا بيركلي احتجاجا على علاقات الجامعة التجارية مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

وأدت الاحتجاجات في جامعة كاليفورنيا في النهاية إلى سحب استثمارات مليارية من حكومة الفصل العنصري في يوليو من عام 1986.

وعندما أُطلق سراح نيلسون مانديلا عام 1990، قام بزيارة إلى أوكلاند لتوجيه الشكر لطلاب وأساتذة بيركلي، الذين وصفهم بـ “إخوته وأخواته في الدم”، وذلك تقديرا لدورهم في النضال ضد الفصل العنصري.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *